بقلم: الصحفي ناظم الجابري
تتصدر قضية المياه قائمة الأولويات الملحة لمواطني محافظة البصرة، هذه الأرض التي تحتضن شريان العراق الاقتصادي وتساهم بأكثر من 80% في موازنة الدولة عبر ثرواتها النفطية. ومع ذلك، يظل هذا الملف الحيوي يدور في حلقة مفرغة، حبيسًا لإجراءات مركزية باهتة لم تفلح في إيجاد حلول جذرية لأزمة تتفاقم عامًا بعد عام.
إن استمرار إلقاء اللوم على تقلبات الإطلاقات المائية من دول الجوار، أو انتظار مبادرات اتحادية متعثرة، لم يعد خيارًا مقبولًا. فالبصرة، التي عانت الأمرين من تلوث المياه وارتفاع الملوحة في السنوات الأخيرة، تستحق أكثر من مجرد وعود موسمية وبيانات روتينية تتداولها وزارات متعاقبة دون تحقيق أي تقدم ملموس.
صحيح أن ملف المياه متشابك إقليميًا، لكن هذا لا يعفي الحكومة المحلية من مسؤولية المبادرة ووضع خطة استراتيجية شاملة. البصرة تمتلك من الكفاءات والخبرات ما يؤهلها لوضع خارطة طريق واضحة المعالم لحل أزمة المياه، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والبيروقراطية الاتحادية التي أثبتت عجزها.
إن الدعم اللوجستي والمالي الذي تقدمه الحكومة المحلية للإدارات والمؤسسات المعنية يجب أن يترجم إلى مشاريع ملموسة وحلول مستدامة. لم يعد مقبولًا الاستمرار في تكرار نفس السيناريوهات السنوية، حيث تتصاعد الأزمة مع حلول الصيف دون أي استعداد حقيقي أو إجراءات وقائية فعالة.
ختامًا، إن معالجة أزمة المياه في البصرة تتطلب تحولًا جذريًا في طريقة التعامل مع هذا الملف. من الضروري الانتقال من دائرة الانتظار والحلول المسكنة إلى تبني رؤية محلية طموحة، تستثمر الإمكانيات المتاحة وتضع حدًا لمعاناة المواطنين الذين يستحقون حياة كريمة وبيئة صحية. إنها دعوة صريحة لوضع خطة عمل واضحة المعالم، تنهي هذا العطش المزمن الذي يهدد حاضر ومستقبل هذه المحافظة العزيزة.