كتب / احمد عواد الخزاعي:
للمرة الثانية تسجل المرجعية الرشيدة المتمثلة بسماحة السيد السيستاني حضورها المبارك بيننا ، وتضع بصمتها على خارطة العراق الجريح لتزيل بعض من أدران محنته ، بالأمس القريب كان العراق بكل ارثه الحضاري على مفترق طرق بعدما وصل الإرهاب على مشارف بغداد ، بسبب السياسات الخاطئة لحكامه الجدد ، وكان حضورها طوق النجاة الذي انتشل شعب بأسره من مصير مجهول المعالم والخواتيم ، بعد أن كاد يقع فريسة سهلة لداعش وأذنابها ، فكانت فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها ، صيرورة جديدة لشعب امتلك الكثير من مقومات الصمود والنجاح .. لكنه أبتلي بمنظومة حاكمة فاسدة جعلت منه رهينة لصراعاتها الداخلية على مكاسبها الشخصية والفئوية .. واليوم تجلى للمرجعية حضورها المبارك الثاني الذي وضع النقاط على الحروف ، ولم تدع عذرا لأحد بعد الآن . المرجعية الدينية اليوم قالت كلمتها برؤية أبوية شملت فيها جميع العراقيين بعيدة كل البعد عن المسميات الطائفية الضيقة وبصورة واضحة لا لبس فيها ، وأطرت مطالب الشعب المنتفض على الفساد ، بتفويض مطلق منها لرأس الهرم في السلطة التنفيذية السيد حيدر العبادي ، فلا عذر له وهو يحمل بيده اليوم صك الغفران عن كل ما سيفعله اتجاه رؤوس الفساد وحيتانه . كثيرون هم الذين راهنوا على موقف المرجعية مما يحدث من انتهاك سافر للقانون واستنزاف لثروة البلد من قبل ثلة من التجار الفاسدين الذين تستروا بلباس الدين والوطنية ، والكثيرون هم من اصطادوا بالماء العكر وحاولوا أن يثيروا الكثير من علامات الاستفهام عن سكوت المرجعية الدينية كل تلك الفترة عن هؤلاء السراق .. لكن اثبت لنا السيد السيستاني وللمرة الثانية بأنه يمتلك من الحكمة والصبر والرؤية الثاقبة لمستقبل الامور ، ما يمكنه من تشخيص الخلل والتدخل لإصلاحه في الوقت المناسب . المرجعية كانت ولا زالت مدركة لخطورة الأوضاع الراهنة في العراق حاليا ، وان أعداء العراق في الداخل والخارج يتربصون به الدوائر ويتحينون الفرص للقضاء على تجربته الديمقراطية الفتية وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء .. وان أي هزة عنيفة يتعرض لها النظام السياسي فيه ، سوف لن تنتج غير الفوضى التي تجعل الساحة مفتوحة للإرهاب لينال منه . لذلك كان صبرها على الفاسدين كصبر جراح حاذق يعرف متى وأين يضع مشرطه على جسد المريض ليخرج منه ورما سرطانيا كاد أن يفتك به . الكرة الآن في ملعبك سيدي العبادي والمرجعية قد منحتك فرصة لم ولن تتكرر لأي رئيس وزراء عراقي في تاريخ العراق الحديث ، فلا تضيع هذه الفرصة الثمينة بخوف أو تردد فالتاريخ لن يرحمك ، فأضرب بيد من حديد على الفاسدين كما قالها السيد السيستاني، وشرفاء العراق وفقرائه من خلفك ، فلن نفشل والسيد السيستاني بيننا .