كتب/ وليد كريم الناصري
مفارقة لا تدعو الى الإستغراب بعين المُدركين، ولكن يجب أن يلتفت إليها الكثيرين، أيام وشهور وسنوات، والوطن ينزف شباباً وكهولاً وشيبة، ولا زال البحث مستمراً،عن بندقية يسارية أو شيوعية، تشاطر المسلمين جهادهم، وتعاكس الإرهاب أزيز الرصاص، وشظايا الحرب، ولكن دون جدوى..! ألسنا شركاء بالوطن؟ أم شراكتكم بما يثمل عقولكم؟
رحم الله من قال عن لسان "صفية إبنة عبد المطلب":
لم يك حسان فينا نافعاً —- وما رُدَ الحيف بالشعرِ..!
إن الشجاعة تأبى ذلها —- فهل القَصيد يَرد خدري..؟!
في يوم هرب فيه بنو قريظة من سيف "علي"، وهو يصرخ فيهم للمنازلة، بعدما جمعهم في زاوية واحدة، يرتجفون خوفاً، فأحدث فيهم من أحدث تحته! وهرب من هرب، كان لـ"حسان أبن ثابت" الشاعر المعروف موقفا بنفس ذلك اليوم، حيث تُرك "حسان" من خلف المسلمين في حصن النساء، وكان يهودياً يطوف حول الحصن، صرخت "صفية" بوجه "حسان"، دونك اليهودي، فقال "حسان" ما أنا والقتال يا "بنت عبد المطلب"، فذهبت صفية بنفسها وقتلت الرجل! وقالت: ألا تسلبه عدته يا حسان؟ قال: "لو أمرتني أن أسلب ألف بيت قصيد من رأسي لفعلت! ولكن ليس بي أن أسلب الرجل"!
مع الأخذ بالإعتبار صحة أو عدم صحة الرواية، لعلي صولة حرب على عصابات الإجرام، وصفية تتهيأ من خلفه للحرب؟ إلا حسان تخلف عن الميدان! فهو لا يجيد سوى الشعر والشعارات، ليس شبهاً بين "حسان" و"الشيوعيين" من حيث الأشخاص، فشتان بين من يمتدح الحق، وبين من يشن الحرب ضده، ولكن وجه الإرتباط من حيث الشجاعة والتضحية، بمعنى الخوف الذي تخلل أطراف "حسان" المرتعشة، من منظر الدم والحرب، هو نفسه الجُبنَ والخوف، الذي نخر أجساد الشيوعيين المرتعشة من شدة السكر، بعدما ضرب الإرهاب الوطن.
المرجعية الدينية مثكولة بفلذات أكبادها، والشيوعيون مثكولون بزجاج خمرهم، ولعله سيكتب التأريخ، إن للعلمانية وطنية تفوق وطنية العمامة! الأمر الذي يحتاج الى أقلام مسؤولة، ووقفة جادة، تلقي مهمتها على المنصفين، لتكتب الحقيقة بدم الشهداء، وتحكي للأجيال عن الذين رسموا الوطن بخرائط من الدم، ولم يجدوا لهم خريطة، إلا صوراً إرتفعت فوق الطرقات والمباني، مبتسمين يسكبون دمائهم نخباً للوطن، في وقت يسكب فيه العلمانيين، نخب أقداحهم سكراً، للنيل منهم ومن العمامة والمسلمين.