ملف عاشوراء:
ان للعالم قوانين وضعها خالق هذا العالم . الخالق الحكيم الذي لايخلق شئ بدون حكمة. عندما ننظر للعالم لانشاهد سوى عظمة وجلالة الخالق. القوانين التي سنها للكون كلها كاملة وتامة حيث جعل العلماء يسعون لفهم الغازها, فاستطاعوا من فهم بعضها ولم يفهموا الكثير منها.
احدى هذه القوانين الطبيعية هو قانون الجاذبية, فلم يشك احد بصحة هذا القانون. او قانون غليان الماء النقي في درجة 100 مئوية . ان هذه القوانين هي قوانين ثابته ولايمكن ان تتغير.
كما ان النظام الكوني وضع ضمن اسس وقوانين طبيعية ثابته من قبل خالق هذا الكون , فان هذا الخالق العليم والقدير بين القيم لهذا الكون كذلك.
اي ان هذا الخالق الذي سن القوانين لهذا الكون وضع الى جوارها القيم الاخلاقية . لهذا السبب , وبما انه يمكننا ان نناقش القوانين الطبيعية ونفك رموزها مثل درجة غليان الماء عند 100 مئوية وكذا قوانين الجاذبية وقوانين نيوتن و... لايمكننا ان نهمل القيم الاخلاقية الحاكمة والتشكيك بها.
التعبد لله هو امر مطلوب من كل انسان. ففي بعض الاحيان يكون قبول امر التعبد صعبا وفي احيان اخرى سهلا. لايمكن الجدال في هذا الامر , ولكن قبول الامر يبدوا هينا . فلا احد يناقش ويجادل في امرصلاة الصبح انه لماذا صلاة الصبح ركعتان؟. ولكن قبول بعض الامور العبادية يبدوا صعبا نسبيا.
فمثلا قصة النبي ابراهيم الخليل عليه السلام . فاي عقل بشري يستطيع ان يقبل ان يقوم اب بذبح ابنه ويقدمه قربان؟ باي منطق يمكن تبرير هذا العمل؟ كيف يمكن قبول ان شخصا ما وبعد سنين طوال من التعبد والتضرع وفي سنين الشيخوخة يرزق بولد ويقوم بذبحة ؟ لايوجد اي جواب سوى العبودية والتسليم الكامل لارادة ومشيئة الله سبحانه وتعالى.
ان اغلب الاحكام الفقهية هي تعبدية , اي اننا لانستطيع فهم مغزاها وبما انها امر من الله فنكون مطيعين لها.
احدى الامور التي تم التاكيد عليها من خلال الروايات هي مسئلة العزاء لسيد الشهداء الامام اباعبدالله الحسين(ع). فدراسة شخصية وسيرة وسلوك هذا الامام العظيم والبكاء لمصابه من الامور التي تم التاكيد عليها.
ففي الروايات جاء ان البكاء على مصاب الحسين عليه السلام فيه الكثير من الاجر والثواب عند الله عزوجل بحيث لايمكن تصور مقداره.
قال الامام الصادق عليه السلام :
و من ذکر الحسين عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار زباب کان ثوابه علي الله عز و جل و لم يرض له بدون الجنة. (1)
انه لماذا البكاء على سيد الشهداء عليه السلام يوجب الجنة للانسان هو من الامور التعبدية وهناك امثله نذكرها في مقالنا. فهو من الامور التي بينها الشرع المقدس والله سبحانه وتعالى , كذلك فان زيارته عليه السلام لها الكثير من الاجر والثواب .
هناك رواية في كتاب كامل الزيارات , يذكر ان هذا الكتاب من المسانيد المعتبرة .
عن مسمع كردين قال : قال لي أبو عبد الله الصادق عليه السلام:
يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين ؟
قلت : لا ، أنا رجل مشهور من أهل البصرة ، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة ، وأعداۆنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم ، ولست آمنهم أن يرفعوا علي [ حالي ] عند ولد سليمان فيمثلون ( فيميلون ) عليَّ .
قال لي : أفما تذكر ما صنع به ؟
قلت : بلى .
قال : فتجزع ؟
قلت : إي والله وأستعبر لذلك ، حتى يرى أهلي أثر ذلك علي ، فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي .
قال : رحم الله دمعتك ، أما إنك من الذين يعدون في أهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويخافون لخوفنا ، ويأمنون إذا أمنا ، إنما سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك ، وما يلقونك به من البشارة : ما تقر به عينك قبل الموت ، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها .
وفي مكان اخر ورواية اخرى جاء:
قال الإمام الصادق (ع): ينادي مناد يوم القيامة : أين شيعة آل محمد ؟..
فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله تعالى ، فيقومون ناحية من الناس .
ثم ينادي مناد : أين زوار قبر الحسين (ع)؟..
فيقوم أناس كثير، فيقال لهم : خذوا بيد من أحببتم انطلقوا بهم إلى الجنة ، فيأخذ الرجل من أحب ، حتى إن الرجل من الناس يقول لرجل : يا فلان أما تعرفني ؟.. أنا الذي قمت لك يوم كذا وكذا فيدخله الجنة لا يدفع ولايمنع.
على اية حال فان هذه الامور هي خاصة اعطاها واكرمها الله سبحانه وتعالى لوليه الامام الحسين عليه السلام ولايوجد هناك اية تسائل حول ذلك لان الله سبحانه وتعالى لايمكن ان تكون عطاياه بدون حكمة وهذا الامر لايستثنى من هذه القاعدة.
كما ان الحسين عليه السلام ضحى بجميع مايملك في سبيل الله وقدم نفسه الزكية ودمائه الطاهرة وشاهد سقوط اعزائه واحبابه واصحابه الواحد تلو الاخر شهداء, فان الله سبحانه وتعالى كذلك اكرمه بكرمه الواسع وجعل محبته خلاص من النار , البكاء عليه كفارة للذنوب ومن وسائل التقرب الى الله عزوجل.
يجب التذكير في الختام على الامر والاصل المهم وهو التقوى الالهية, فليس صحيحا ان يقوم الانسان بفعل ما يشاء ومن ثم يطلب المغفرة بقول ياحسين !
الامر الاساس هو التقوي في جميع الامور , ان ملاك قبول الاعمال هو التقوى كما اشار القران الكريم الى ذلك ويقول :
انما يتقبل الله من المتقين.
عليرضا مهدوي
١- بحار الانوار - جلد 44- صفحه 285
المترجم: سيد مرتضى محمدي