كتب :اسعد عبدالله عبدعلي
مازال حجي حامد وهو في الثامنة والستون, يمسك المسحاة ويقف في ساحة الطيران, عسى أن يشغله أحدا ما كعامل بناء, مقابل اجر يومي يشتري به الغذاء والدواء له ولعائلته, حجي حامد تحولت حياته الى كابوس, بعد أن كان يحلم ببيت ملك, يخلصه من كوخ الصفيح والحيوانات القارضة, لكن تبددت كل أحلامه بسبب النظام الفاسد الذي يحكم العراق, حيث تم السطو على أموال النفط من قبل النخبة الحاكمة, حجي حامد له أربع بنات عليه أعالتهن, وزوجة مسنة مريضة, وهو عجوز بالكاد يقف, يحس بان مستقبل عائلته مخيف, أحيانا يشعر بالندم لأنه لم يسرق مثل الساسة, أو حتى يكون جاسوسا للشيطان كما يفعل اغلب ساستنا, للخلاص من مأزق الحياة التي تسحقه يوميا. قصة مؤلمة تعيشها فئة كبيرة من الشعب العراقي, مع أن العراق حصل على كبيرة جدا في العقد الأخير, مقابل بيع النفط وبكميات كبيرة.
ترى لماذا يستمر الفقر في العراق, مع القدرات المالية الهائلة, التي حصل عليها طيلة عقد من الزمن, خصوصا في حكم المالكي. اعتقد أن سببين مهمين لضياع أموال العراق في العقد الماضي, وهي:
أولا: مؤسسات الدولة هي السبب مؤسسات الدولة تستنزف الخزينة, بما يخصص لها مليارات الدنانير, لكن لا شيء يتحقق, فتخصيصات الوزارات تنهب يوميا تحت عناوين التعليمات والقانون, فما فائدة تخصيص الأيفادات والذي أصبح سبيل للسياحة, ولا يناله الا المنافقين والمتملقين لحاشية السيد الوزير والمدير, كان الأولى بالحكومة إغلاق هذا الباب, الذي ضاعت عن طريقه ملايين الدولارات مقابل لاشيء؟
كذلك تخصيص الضيافة مثلا هو بالملايين الدولارات التي هدرت, وهكذا العديد من أبواب التخصيصات, ومجموعها بالمليارات هدرت على توافه الأمور, كان من الممكن أن تحل مشاكل كثيرة للمجتمع بهذه الأموال, وهي أموال من حق الوطن والشعب, لكن أضاعها النظام عبر مؤسسات كسولة وفاسدة.
ثانيا: الإدارة الفاشلة للدولة هي السبب عندما تسلم المالكي الحكم لدورتين, كانت أوضاع العراق السياسية أفضل من ألان, ولم يكن هنالك احتلال داعشي لجزء من الأرض, وكانت أسعار النفط قياسية, وحتى الربيع العربي المخيف لم يهل, فكان من الممكن مع هذا ظروف وهكذا قدرات مالية أن تحل مشاكل العراق, مثل أزمة السكن والبطالة, لكن تأزم الوضع وتكاثرت الأزمات وضعفت الدولة وانتشر الفساد, مما جعل الأموال تذهب مع الريح من دون أن يتحقق شي مهم للعراق, فضاعت فرصة تاريخية للعراقيين لتأسيس بلد قوي وغني كالبلدان الغربية, بحسب الأموال الضخمة التي توفرت. ألان ماذا نفعل؟ من الممكن الإصلاح وتوفير الأموال, ويكون هذا عبر عدد من المحاور:
المحور الأول: غلق الكثير من أبواب التخصيصات الموازنة السنوية, كي يمكن أن نحافظ على المال العام من الهدر, الذي كان يمارسه السادة المدراء والوزراء.
المحور الثاني: ملاحقات قضائية لكل الوزراء والمدراء, واسترجاع أموال العراق التي تم نهبها, وبهذا نحقق العدل ونقتص من اللصوص, ونرجع الأموال المنهوبة.
ثالثا: تحويل الأموال التي سيتم توفيرها نحو اتجاهين:
الأول لمشاريع سكنية حقيقية, والثاني للاستثمار وفتح المشاريع, وبهذا نقضي على البطالة وأزمة السكن. انه أمر ممكن, لكن يحتاج لساسة شرفاء يعملون لخدمة الوطن والمواطن, وهنا تكمن المعضلة, فمتى يظهر للوجود الساسة الشرفاء؟