- التفاصيل
-
المجموعة: الفضاء الحر
-
تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 25 آب/أغسطس 2016 00:50
-
نشر بتاريخ الخميس, 25 آب/أغسطس 2016 00:50
-
الزيارات: 2070
كتب / الشيخ عبد الحافظ البغدادي
كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التسول في الشوارع والأزقة وكراجات النقل العام , وعيادات الأطباء وأمام المساجد. وأصبحت تجارة التسول تستقطب عددا من أبناء المحافظات المجاورة لما تدره من أرباح بدون رأس مال سوى عباءة قديمة وغطاء الوجه , كما يبدو إن اغلب المتسولات معروفات وهن بنات بيوت لهن أزواج يعملون بوارد يومي أو شهري. فما هي الأسس الشرعية والقانونية تجاه هذه الظاهرة التي يمكن استغلالها من قبل القوى المعادية للوطن والشعب ..؟
الجواب الشرعي لهذه الأسئلة إن جميع الصدقات التي يدفعها الناس لهؤلاء { لا تقع تحت عنوان الصدقات الشرعية } بل هي حالة انكسار نفسية يقوم الفرد بردة فعل بمنح مبلغا معينا لمتسول أو متسولة يمكن هي أغنى منه مالا وقوة ..
وأتذكر قبل 5 سنوات عملت تقريرا عن شركات التسول في البصرة من خلال منح طفلة بعمر 12 سنة مبلغ 5خمسة آلاف دينار أفادت إنها من محافظة مجاورة ماتت أمها وطردتها زوجة أبيها والتجأت إلى خالتها في إحدى مناطق البصرة , وزوج خالتها يعمل في إدارة إحدى مؤسسات التسول حيث يقوم بنقل وجبات التسول للرجال والنساء من مناطق البصرة المتعددة بسيارته على المناطق التي تدر ربحا كبيرا , وأفادت إن ما تقدمه الطفلة لزوج خالتها ثلاثة آلاف دينار يوميا , وللنقل بالسيارة ألفين , والباقي تحتفظ به لنفسها , علما انه مصاريفها تتحملها من أكل وملابس وعلاج لو تطلب الأمر ..
دخلت وجبات جديدة من المتسولين من أهالي المناطق التي نزح أهلها إلى المدن الجنوبية , وأصبحت الحكومة المحلية في الجنوب العراقي عاجزة عن معالجة تطبيق القانون , حيث نصت المادة 39 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 بالحبس على كل من يتصنع الحاجة ويمارس التسول لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على 3 أشهر , وفي حال تمثيل المتسول بعاهة أو مما يثير المقابل{ كاللاتي يجبلين أطفالا بالإيجار للاستعطاف وزيادة الوارد} فيكون السجن لفترة سنة واحدة هذا القانون للدعاية فقط , ولا تطبقه الدولة لأمور معروفة عند الجميع , ولا يستبعد أن تكون بعض الجهات الحكومية مستفادة من المتسولين .
الأصل في الشرع: التسول حرام شرعاً إلا لضرورة أو حاجة ماسة وفق ضوابط معينة، واليك الحكم الشرعي "السؤال حرام في الأصل وإنما يباح بضرورة أو حاجة مهمة قريبة من الضرورة فإن كان عنها بدٌ فهو حرام" وهي التي يقال فيها صدق السائل .
النقطة الأخرى . فيه إذلال السائل نفسه لغير الله تعالى لا يحل أن يذل الإنسان نفسه لغير الله , والذلة التي يعانيها السائل مهمة وفق الفكرة الإسلامية , جاء رجل إلى الإمام أمير المؤمنين {ع} يريد أن يسأله مالا .. فقال له : لا تسال , قم واخرج واكتب حاجتك على الأرض , فاني اكره أن أرى بوجهك ذل السائل , وفي نفسي عز المسئول ...
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله {ص}:( من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته..!! ومن أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى إما بموت عاجل، أو غنى عاجل ) ..وقال رسول الله{ص}( من سأل وعنده ما يغنيه : فإنما يستكثر من النار ) وفي لفظ من جمر جهنم قالوا : يا رسول الله وما يغنيه .؟ قال : قدر ما يغديه وما يعشيه ) وفي لفظ أن يكون له شِبع يومٍ وليلة .
وهناك آداب اجتماعية وشرعية أن تصبح مسالة التسول وصمة عار على العائلة جميعا .. يقول أبو أيوب الأنصاري : لو كنت قاضياً لم أقبل شهادة من تصدق عليه] الآداب الشرعية 3/ 394.
وأخيرا في زماننا الحالي يستوجب على المكلف أن يبحث عن عوائل متعففة لا تجد قوت يومها وتعاني الجوع والفاقة وهم يتعففون ويصارعون الجوع , بدلا من نثر الأموال في { الاترفكات} على نسوة يحصلن يوميا على أكثر من مائة ألف دينار كما ظهرت أحداهن في فلم عرض على التواصل الاجتماعي .. نعم يجوز سؤال الناس شيئاً من المال للمحتاج الذي لا يجد ما يكفيه ، ولا يقدر على التكسب ، فيسأل الناس مقدار ما يسد حاجته فقط ، وأما غير المحتاج ، أو المحتاج الذي يقدر على التكسب : فلا يجوز له المسألة ، وما يأخذه من الناس في هذه الحالة حرام عليه باتفاق جميع الفقهاء أما معنى التعفف .. فهو الممتنع عمَّا لا يحلُّ ولا يليق بإنسانيته ، وتجنَّب سيِّئَ القول والفعل{ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ }..