كتب / ابو محمد البصري:
بدأت القصة عندما اتجهت من مدينة قم المقدسة الى مطار مهر أباد في العاصمة طهران .. فقد استأجرنا سيارة خصوصي تسمى باللغة الفارسية ( دربست) فجلست أنا في المقعد الامامي في السيارة .. وجلس ولدي محمد في المقعد الخلفي ، وعندما وصلنا الى المطار - لم يبق الا - ساعة على موعد اقلاع الطائرة الى عبادان لننطلق بعدها الى البصرة.
وقبل ان ندخل قاعة المطار بخطوات كانت المفاجأة .. لقد فقد ابني محمد جواز سفره .. وعلى مايبدو انه قد نسيه في السيارة التي اقلتنا من مدينة قم المقدسة الى طهران .. فهرولت في حينها مسرعا بحثا عن السيارة التي اقلتني فلم اجدها .. وهكذا ضاع جوزا السفر .. وفي النهاية اقنعنا الضابط المسؤول بالصعود الى الطائرة ، فهبطنا في مطار عبادان .. وانتقلنا بعدها الى احد فنادق مدينة خرمشهر (المحمرة) ، وصادفت في تلك الليلة ولادة الامام الحسن(ع) ، وكان الوقت قد اوشك على الغروب ، وبجانب الفندق حسينية اعدت في حينها افطارا ضخما ، وحفلا بهيجا بهذه المناسبة .. فقررت انا وولدي بتغيير (الجو) ونسينا حادثة فقدان جواز السفر ، وشاركنا في حفل ولادة الامام عليه السلام.
وفي اليوم الثاني تحركنا مع السائق الذي كان يتقن اللغة العربية واسمه (أقاي باوي) .. اذا اتفقنا على ايجار سيارته ، وكنا نتوقع ان المسألة بسيطة جدا ، نقوم بالذهاب الى القنصلية العراقية في الاهواز ، ونحصل على (جواز سفر) مؤقت ، ونعود في نفس اليوم الى البصرة !!
الصورة التي كانت في ذهني ، واعتقد انها في ( اذهان الكثير من العراقيين ) ان جميع المسؤولين (حرامية) وفاسدين .. وللاسف كانت لي تجربة سيئة مع (استعلامات) السفارة العراقية في طهران ، جعلتني مكتبئا عندما وصلت الى باب القنصلية .. وفيها اخبروني بضرورة الاعلان في صحيفة عن فقدان جواز السفر ، والذهاب الى المحكمة ، ومركز الشرطة ، ودائرة الرعايا الاجانب ، وفيها ضابط يعطيك اقل مدة هي (10) أيام .. فالمهم طلبت اللقاء بالسيد القنصل ، وبعد انتظار جاءني شخص ، وعرف عن نفسه بأنه معاون القنصل العراقي ، وبأسلوبه (الجذاب والمؤدب) انخفض سكري ، فنصحني بالذهاب الى مقر السفارة العراقية في طهران ، وعرفت منه انه ابن السفير العراقي السيد (راجح الموسوي) البصري ، والمعروف عنه بطيبته ، وحبه للعراقيين خصوصا لاهالي البصرة.
وكان السيد (وسام الموسوي) هو ( شبلا من ذاك الاسد ) ، والذي عرف بأدبه واخلاقه وبساطته ، فأجبته : اني لا استطيع الذهاب الى طهران لاني (انفقت) جميع ما تبقى معي من اموال ، والمبلغ الذي بحوزتي قليل جدا ، فقام السيد الموسوي بأخراج كارت (البنك) من جيبه ، واعطاني اياه ، وقال لي تصرف بهذا الكارت الذي يحوي على رصيد من المال ، فترددت في الحقيقة كثيرا بأن اقبل المبلغ ، وكنت مجبرا على القبول لانه لايوجد لدي اي حل غير ذلك الخيار ، وعندما اخذت (كارت البنك) اول عمل قمت به هو الذهاب الى أقرب (بنك) للتأكد من كمية رصيد المبلغ الموجود ، وكانت المفاجئة ان المبلغ هو بحدود (5 مليون ) تومان ايراني ، فهذا الرجل اعطاني كارته بدون ان يعرفني ، ولم يأخذ اسمي ، ولا حتى رقم هاتفي ، وعندما سألته عن ذلك قال لي : هذا من ( صميم عملي ، وواجبي ، وانا بخدمة العراقيين)!!
وشاءت القدرة الالهية ان يفرج الله علينا بعد ان اتصلت بصديق ايراني قديم ، وتكرم علينا بالاتصال بالضابط الايراني لتصبح الايام العشرة فقط يوما واحدا ، فعدت الى مدينة الاهواز في اليوم الثاني ، وانجزت المعاملة ، وكان للسيد (وسام) موقفا مشرفا ، وارجعت له كارت البنك (صاغ سليم) فجزاه الله خير الجزاء....
وللامانة طلب مني ، وسام الموسوي ، ان اعطي عنوانه ، ورقم هاتفه لكل عراقي يأتي الى ايران ، ويتعرض لمشكلة من هذا القبيل ....
فشكرا لكل عراقي شريف (وما اكثرهم) .. وشكرا الى السيد وسام ، معاون القنصل العراقي في الاهواز .. وصدق المثل الذي يقول : لو خليت .. قلبت ..
طبعا لم نعثر على جواز السفر حتى الان .. لان رقم السائق المنشور على الفيسبوك (خطأ) .. بدأنا نبحث عن الناشر الاول للمنشور ، واسمه (وسام) ايضا !!