رئيس التحرير / ناظم جواد الجابري :
لازال المواطن العراقي يقف على مفترق طرق رغم مرور قرابة عقدين من الزمن على حرب عام 2003 ، يواجه العديد من التحديات المتقلبة والمتسارعة عام بعد اخر بسبب انعدام الاستقرار السياسي من جهة ، وقطار التحديات الاقتصادية التي تقف بطريقه من جهة ثانية بأنتظار بارقة امل لينعم في هذا البلد على غرار اقرانه في دول الجوار الذين يتنعمون في بحبوحة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والرفاهي.
وفي خضم الازمات المتنوعة والتحديات الصعبة والخطيرة التي شهدها العراق في حربه على الارهاب ، والتدخلات الخارجية التي طالته بما في ذلك الحرب الطائفية وهجمة الدواعش وتراجع أسعار النفط ، والاحتجاجات التي طالت اغلب مدن العراق ، واخرها جائحة كورونا التي ضربت العالم اجمع .. وعجز الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام البائد عن معالجة الفساد ، لازال العراق وصولا حتى عام 2021 يعاني خللا واضحا بسوء النمو المحلي ( الخدمي والصناعي والزراعي) ويشهد نقصا واسعا بتوفير فرص العمل، وضعفا ملحوظا بالقضاء على الفساد ، ولم يصل الى محطة حقيقية لتحقيق مستويات الرفاهية لشعبه ، مما شكل فجوة متزايدة اخذت بالاتساع شيئا قشيئا مابين الدولة والمواطن".
ورغم مساعي الحكومة المركزية الحالية الخجولة التي قاربت ولايتها على الانتهاء ، ونحن مع قرب الانتهاء من اعلان النتائج للانتخابات البرلمانية ، ورغم مساعيها الرامية الى التحول الهيكلي والاصلاحي لمفاصل الدولة ، ومحاولاتها لضرب حيتان الفساد ، وانتهاجها طريقا اقتصاديا أقل اعتمادا على البترول ، فلازال الوضع الاقتصادي العراقي القائم حرجا بشدة ، ويواجه الكثير من التحديات لتغيير الوضع الراهن مما عليه ، ولازال المشوار طويلا نحو المسير بخطى فاعلة وصحيحة صوب النمو الاقتصادي والتنموي لتحقيق مستويات معيشة أفضل الى المواطن العراقي ، ولتتمكن من تهيئة بيئة وظروف مناسبة لتحقيق تطلعات الشعب الحالية الذي يطالب بتوفير الخدمات والكهرباء والماء الصالح للاستخدام البشري ، وتأمين الوظائف ، وتحسين قطاعات التعليم والصحة والكهرباء وغيرها من الخدمات الاخرى ، لتصل الى مصاف تحقيق الازدهار والرفاه الاقتصادي الذي تشهده كثير من دول الجوار في بلدان الخليج العربي. . ولازلنا نشاهد انه شبح الضائقة الاقتصادية ترمي بضلالها على كاهل المواطن في ظل الظروف المادية والاقتصادية الراهنة والكساد والظروف الصعبة التي يعيشها .. ولتبقى كثير من المعوقات والتحديات تشكل حجر عثرة امام عمليات بناء الدولة الناجحة لانعاش مستويات المعيشة والاقتصاد للشعب ، رغم عمق التحدي الكبير الذي سارت عليه الحكومة بعد خفض سعر الصرف الذي قام به البنك المركزي العراقي للدينار مقابل الدولار ، ومردوداته العكسية السلبية على دخل المواطن.
وفي مثل هذه الايام نشاهد تصاعدا ملحوظا في حدة الخلافات المستعرة بين الحكومة المركزية مع الحكومات المحلية المنتجة للنفط ، وعلى غرار الخلافات السابقة مع (وجوه) الحكومات المركزية المتعاقبة التي تولت الحكم بالعراق ، واستمرارها بنفس النهج الذي سارت به مع الحكومات المحلية المنتجة للنفط ، ناهيك عن بقية الموارد والثروات الاخرى المحلية من الغاز والمنافذ الحدودية والبحرية والمطارات وغيرها من الضرائب المالية التي تجبى من المحافظات ، وترفع اموالها الى خزينة بغداد .
وفي هذا السياق يتعين على الحكومات المحلية الجديدة القادمة في المحافظات بوضع استراتيجية قانونية مرنة وسريعة وحازمة في الانتقال إلى إعادة تأهيل قطاعاتها المحلية ، ومنها : الاقتصادية والطبيعية والصناعية والسياحية والاستثمارية من جديد ، وتنويع مدخولاتها المالية ، بدل الاعتماد على النفط حصريا من الموازنة العامة للبلاد ، ووضع خارطة عمل وخطة لحماية الفقراء ، واصحاب الرواتب التقاعدية ، واصحاب الدخل المحدود ، ومراجعة النفقات العامة ، وتحسين تجارب المواطن الفعلية مع الروتين ، وإساءة استخدام السلطة ، ومعالجة المظالم ، والاهتمام بالشباب ، وتحسين وتنفيذ متطلباتهم الضرورية مع تحسين عمل الادارات المحلية ، وتوسيع الوظائف، وخاصة في مجالات البناء والزراعة والمشاريع الصغيرة ، والوصول إلى المجتمعات النائية والمحرومة من أجل تحسين أوضاعها الاقتصادية ، كفرصة وبادرة في تحسين العلاقة بين المواطن والدولة.
فجميع هذه الامور والمراحل والخطوات لابد من العمل بها في ظل هذا الزخم المعاش من الازمات والاستياء الاجتماعي الذي حصل بين النخب السياسية الحاكمة والشعب بسبب عدم القدرة على تلبية مطالبهم المشروعة ، والاصرار على التمسك بالسلطة ، مما تسبب في اتساع الهوة بين النخب الحاكمة ودوائرها الانتخابية.