كتب / عباس الكتبي :
إنّ كل دولة ناجحة في إدارتها للبلد، تتخذ من سياستها الخارجية، هذا المبدأ العقلي( جلب المنفعة للبلاد ودفع المضرة عنها)، فأن لم يكن لا هذا ولا ذاك، فأقل ما يمكن فعله، هو تقليل المضار، ولكل قيادة أو إدارة جديدة، رأي وأجتهاد خاص، لكنها لا تخرج عن المبدأ العام.
على سبيل المثال، السياسيون من الحمائم، كأوباما وروحاني، ليس كالصقور مثل بوش ونجاد، فلو كان هذان الاخيرين في الرئاسة لما حصل أي أتفاق بينهما على البرنامج النووي!
دليلنا على هذا الكلام، هو ما صرح بهِ المرشد الأعلى، السيد علي الخامنئي، عند إطلاعه على مسودة الأتفاق، فبل الأعلان عنها، وفي لقاءه جمع من الشعراء، قال إذا سؤلت: (هل توافق المفاوضات النووية أم تعارضها؟)سأقول: ( لا أوافقها ولا أعارضها، لأنه لم يحدث شيء لحد الآن).
من الجانب الأمريكي، فانّ الجمهوريين لم يوافقوا على القرار، وهددّوا باتصويت ضده، والكونغرس الامريكي، ومجلس الشيوخ، الآن هم في دراسة شروط الأتفاق، لأن قرار الاتفاق مرحلي، وسيتم الأعلان النهائي عنه، يوم 30 أيلول المقبل.
فكرت كثيرا، وحدثت نفسي، وقلت: لماذا وافقت إدارة الرئيس أوباما على القرار، مع أن البقاء على فرض العقوبات على أيران، هو في صالحها؟! ثم تسآءلت مرة أخرى وأنا أحدث نفسي،( لماذا أمريكا لم تدع ايران، تمتلك سلاح نووي، شأنها شأن روسيا، والصين، وباكستان، والهند، وكوريا الشمالية، وهل إن ايران أعضم من روسيا والصين، لكي تخشاها امريكا، أم هو خوفها على وجود إسرائيل، لأن أيران تهدد أمنها كما قال نتنياهو.
أم إن الغاية الأساسية لأمريكا، هي أبعاد أيران عن التدخل في شوون المنطقة، والحد منها، وتقليل دعمها لحلفائها)..؟
كل هذه التسآؤلات، سنجدها في تصريحات المسؤلين المعنيين في الأتفاق.
وزير خارجية أمريكا( جون كيري)، في 28 تموز، عندما أراد توضيح صورة الاتفاق، أمام الكونغرس، قال: إن الأنسحاب منه سيتيح لأيران الفرصة، في إحراز تقدم سريع نحو أمتلاك سلاح نووي، أذا أنسحبنا سننسحب بمفردنا، وشركاؤنا لن يكونوا معنا، بل سينسحبون من العقوبات القاسية متعددة الأطراف، التي دفعت إيران للجلوس الى طاولة التفاوض في المقام الأول.
من جانبها طهران أعلنت بعد الأتفاق، وقالت: أنها وضعت حداً لحلقة مفرغة لم تكن في مصلحة أحد.
هذا ما أكده سابقا الشيخ رفسنجاني، في تصريح له عام2009، قال( إن الأنقسام السياسي الحاد في أيران والخلافات المستمرة، على رأس النخبة تعرض أمن ايران للخطر، وتسهل تطويق القوى الغربية لأيران على خلفية الملف النووي).
بعض دول المنطقة لم ترتضِ هذ الأتفاق، كالسعودية وأسرائيل، إلاّ إن أوباما طمأنها، لكن أسرائيل على أثر الأتفاق صرحت بلهجة شديدة، قالت فيها: بأنه بعيد عن الواقع وتعهدت بمواصلة الضغط لمنع إتفاق نهائي سيء.
أذن المصلحة الأمريكية والأيرانية، تطّلبت الوصول الى إتفاق مبدئي، فمن جانب أيران، نجحت إدارة روحاني في رفع العقوبات التي أضرت بأيران، وكذلك جنبت البلد فتنة من الداخل قد تحصل في المستقبل.
أدارة أوباما أيضا نجحت، في إحتواء أيران والضغط عليها دبلوماسيا، وستبعدها عن التدخل في المنطقة، ومساندت حلفائها، وإلا تكون العقوبات أشد، وما زيارة ظريف للسيد السيستاني، وإطلاعه على الاتفاقية، إلاّ دليل على ذلك!!
كلمة أخيرة أقول: مابين هذه التصريحات المتفائلة، وتلك المتشائمة،هل ستدوم أبتسامة ظريف وكيري، أم سيكون هناك حكم جديد وأجتهاد آخر، وفق المبدأ الذي أشرنا أليه في المقدمة، أم الأيام حبلى بالمفاجئات؟ سننتظر وأن غداً لناظرهِ قريب!