- التفاصيل
-
المجموعة: الفضاء الحر
-
تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 03 حزيران/يونيو 2015 19:57
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 03 حزيران/يونيو 2015 19:57
-
الزيارات: 3727
كتب / كاظم فنجان الحمامي:
موجة من الغضب والاستياء سادت الأوساط الشعبية في البصرة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم بعد سماعهم القرار المستهجن الذي اتخذه ديوان الوقف السني بتحويل محرمات جامع العثمان إلى بوابة رخيصة من بوابات الاستثمار العقاري، فقد استيقظ الناس في مدينة المعقل على أصوات الجرارات والبلدوزرات وهي تطيح بأشجار نخيل البرحي التي تُزيّن واجهات المسجد العريق، فاقتلعت حتى الآن (22) نخلة برحي، غرسها أجدادنا في بستان هذا المسجد في العقود الماضية.
لم أصدق ما ذكره لي صديقي الذي يسكن بجوار الجامع، فهرعت إلى هناك قبيل صلاة الظهر لأجد البوابة الخارجية موصدة، والأشجار المجرفة تملئ الفناء الأمامي، بينما تكدست الحجارة في الجوار، وتراكمت أكداس الرمال في الباحة الخلفية بصورة عشوائية عابثة تفيض بالحزن والأسى. فظهرت أروقة الجامع في حالة يرثى لها.
منظر عجيب. لا يصدقه العقل، ولا يقبله المنطق. فهذا الصرح الديني الكبير، الذي شيده الراحل عبد الله بن عبد اللطيف العثمان عام 1970 على نفقته الخاصة، وبناه على أرض اشتراها وقتذاك من الموانئ العراقية، ثم طلب من الموانئ مؤازرته في وضع التصاميم المقترحة، والإشراف على مراحل البناء، حتى اكتمالها كلها. ثم أضيفت الزخارف الإسلامية الملونة، التي صممت خصيصاً في أرقى المراكز الأصفهانية المتخصصة في تصاميم النقوش والزخارف المزججة بالكاشاني والفسيفساء الثمينة.
أذكر أن الراحل عبد الله العثمان كان يقيم هنا في خيمة بين موقع المكتبة العامة والأرض المخصصة للجامع. ينهض في الصباح الباكر ليباشر عمله الميداني جنبا لجنب مع عمال البناء. يحمل معهم الطابوق والسمنت والرمال. ثم يفترش الأرض ليتناول طعامه معهم، من دون تكلف، ومن دون رياء. فالرجل عرفه القاصي والداني ببساطته ومشاركاته الواسعة في تعمير بيوت الله في شرق الأرض وغربها.
لقد كتبت قبل أعوام مقالة طالبت فيها بإعادة ترميم هذا الصرح الكبير، فجاءتني الردود الايجابية على الفور من أسرة (بيت العثمان) الذين يسكنون الكويت. وكان لهذه الردود الدور الأكبر في إضفاء لمسات حضارية جديدة على ملحقات المسجد.
ترى ما الذي سيقوله أحفاد عبد الله العثمان عندما يرون أعمال جدهم تتعرض للتشويه والتخريب ؟، وما الذي سيقوله سكان مدينة المعقل بعدما تتحول واجهات مسجدهم إلى محلات تجارية وصالونات للحلاقة وصالات للألعاب ؟. وهل ستلوذ (الشرقية) بالصمت لو كان الوقف الشيعي هو الذي ارتكب هذه الحماقة ؟. أم أنها ستقلب الدنيا وتقعدها لتضيف الرياح القوية للمهزلة الطائفية ؟. وهل هذا هو التوقيت المناسب لتنفيذ مشاريع الوقف السني ؟، وهل يجرؤ الوقف الشيعي في البصرة على التعامل بهذه الطريقة الهمجية مع المساجد المحسوبة عليه ؟. وهل ستقف المراكز الرقابية والثقافية والتراثية في البصرة مكتوفة الأيدي إزاء هذا الانتهاك السافر المخالف لكل الأعراف والقيم.
شاهدوا الصور التي التقطها نهار هذا اليوم، باعتبارها من الوثائق التي تعكس ما آلت إليه أحوالنا هذه الأيام.
والله يستر من الجايات!!