كتب / محمد ابو النيل :
الأول من رجب، يوم الشهيد، الذي أقترن بذكرى أستشهاد السيد محمد باقر الحكيم (رض) هذه الشخصية الرمزية، التي طرقت أبواب التأريخ، ونقشت في صفحاته، العلم والعمل والتقوى. بدأ حياته، طالبا للعلوم الدينية، في النجف الأشرف، حيث تتلمذ على يد أشهر العلماء، في تأريخ التشيع الحديث ـ والده السيد محسن الحكيم ، السيد محمد باقر الصدر ، السيد أبو القاسم الخوئي ـ كان لهذه الشخصيات الأثر الواضح، على منهجه الديني والسياسي. واكب السيد الحكيم، المقطع الزمني، الذي أحتضن مرجعية الأمام الحكيم العامة، التي عرفت بالتصدي وبقوة، للمطالبة بحقوق المظلومين الضائعة، بين يدي الساسة، والوقوف بوجه، التمدد الشيوعي على الساحة العراقية، أمتاز (رض) بعواطف نبيلة لكل من يحيط به، لم يتسم بروح الحقد، بل كان مصدر للتسامح. ذات يوم كان يتفقد الأسرى العراقيين في جمهورية أيران الأسلامية، وزياراته الدورية، أبان حرب الثمان سنوات، دعاهم للتسامح، ونبذ الخلافات، وكان على رأس القائمة عندما أخرج جبار الثوري، الذي أشرف على تعذيبه، في سجون البعث، وقال لتلك الجموع، هذا الذي كان يستمتع بأثار التعذيب على جسدي، إني أسامحه، وأعفو عنه قربة لوجهه تعالى، ولأكون مصداقا لما أدعوكم أليه من تسامح. شخصيته (رض) التي أتسمت بهذا الفيض من التقوى وحسن الخلق، كانت تحمل في نصفها الأخر، صفات القيادة، حيث أخذ على عاتقه مقارعة النظام البعثي، قبل أن يعلن هجرته، عام ١٩٨٠ الى سقوط ذلك النظام، عام ٢٠٠٣. مازال صوته يصدح في آذان كل من توجه لأستقباله، عندما عاد الى أرض الوطن، قاصدا النجف مرورا، بالمحافظات الجنوبية ـ أقبل جباهكم أقبل اياديكم ـ هيهات منا الذلة ـ ما كان لهذه الشخصية الرسالية، ألا أن يكرمها الله بالشهادة، وليكون هذا الأسم نبراسا لكل أبنائه، في تيار شهيد المحراب. لم يكتفي بدعوة الناس الى الجهاد في سبيل الل.. بل ضرب أفضل الأمثلة، بالأطمئنان الذي كان واضحا على محياه أواخر أيامه، وقدم القدوة والأسوة في التضحية، من أجل العقيدة والمبدأ (ماغاب نجمك ياحكيم وإنما صوب المعالي قد بلغت المرتقى. ورع جهادك حكمة وصلابة حتى فنيت العمر في درب التقى) طبت وطاب التراب الذي لامس ماتبقى من أشلائك الطاهرة، يا أيها الكوكب الدري.