كتب / الدكتور مظفر قاسم حسين
منذ أن ودّع العراق الإمام علي عليه السّلام في شهر رمضان ، لم يحظى العراقيون برجل إستطاع أن يملك قلوبهم طواعيّة مثل السيّد علي السيستاني .. رجل تفرّد بكل شيء .. رجل يسير بخطى واثقة حيّر الغرب والعرب .. رجل في بيت بسيط قراره أقوى قرار على وجه الأرض .. لم تثبت عنده الرؤية الشرعيّة لهلال شوال فقرر أن يكون الجمعة متمماً لشهر رمضان المبارك .. رغم أنه يعلم بوجود الهلال فلكياً لكنّ الوجود الفلكي ليس حجةً عليه وحجته حديث الرسول الأكرم " لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلالَ وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ " رواه البخاري (1906) ومسلم (1080) ..
لقد صام السيد السيستاني .. وصام العراق رغم عشرات المراجع الدينية الشيعية التي ثبت عندها بأن يوم الجمعة عيد الفطر .. لا تجد مظاهر العيد في أغلب المحافظات .. إن العراقيين بجميع أطيافهم يحترمون صيام هذا الرجل .. حتى السّنة في العراق يحترمون صيامه وتراهم يخجلون إظهار مظاهر العيد وإخوانهم الشيعة ممن يقلدون السيد السيستاني صائمون .. هذه هي الرّوح العراقية الأصيلة .. حتى هذا التناغم السّني الشيعي الفريد من نوعه عند الشعب العراقي يحيّر الغرب والعرب .. ويخططون لكسر هذه الحلقة التي تخنقهم كي نكون ضعفاء .. ورغم محاولات وسائل إعلامية التركيز على مصطلح "مظاهر العيد" إلاّ أن مظاهر العيد شبه معدومة على أرض الواقع .. جميع الطوائف العراقية إحترمت صيام هذا الرجل وصيام مقلديه وهم الغالبية المطلقة من شيعة العراق.
مازال المهتمون في شؤون العراق يحاولون فهم هذا اللّغز .. كيف إستطاع هذاالرجل أن يملك قلوب العراقيين ؟ لم يستخدم السيف ، ولا الوعد ولا الوعيد ، ولم يعدهم بأموال .. إنها كلمة حين يقولها تُصبح إلتزاماً يصل حدّ الموت ..
مع أنني لست بشاعر ولكن أرى أن بعض الشعر يختصر مؤلفات .. وكي أختصر وصف مقلدي السيد السيستاني في صيامهم يوم الجمعة حاولت أن أصفه بشعر أراد قلمي أن يسجله له وباسمه فكتبت واصفاً لسان حال مقلدي السيد السيستاني وهم يقولون باللهجة العراقية العاميّة :
[ يابو حسين ، يابو حسين، مو يوم وثلث تيام
بس آمر تلكانا الدهر وياك كلنا صْيام ]
مازال الغرب والعرب يفكرون ويتساءلون .. كيف إستطاع هذا الرجل توحيد أمة آشورية ومسيحية وصابئية وأيزيدية وشيعية وسنية وعربية وكردية وتركمانية وطوائف أخرى .. ؟ مع أن شخصيات سياسية غربية عدّة سألتني عن هذا الرجل لتعرف أكثر وأكثر بعد أن علمت بأنني قابلته شخصيّاً ثلاث مرات.
لندعهم يفكرون .. ودعونا نفخر بما لدينا ..
ولينتظر العراق رجلاً آخر مثل السيد علي السيستاني ولكن بعد أكثر من 1400 سنة أخرى.