كتب/ حسين نعمة الكرعاوي:
الرجولة أصطلاحاً لفظ للدلالة على الذكر البالغ , و فسيولوجياً تعني اكتمال نمو ذكر الإنسان واكتسابه خصائص مميزة , ولكن اخلاقياً ما يميز ذلك البلوغ والاكتمال هو مقدار الاكتساب للمزايا الاخلاقية , فليس كل بالغ رجل , فالكمال الاخلاقي اعظم بكثير من ذلك الذي يكتب ارقاماً على ورق ويمثل العمر الذي مهما زاد بدون زيادة الوعي والادراك والاخلاق كانت علاقته مع الرجولة عكسية فتنقص بازدياده . فالحكمة لا تعني الكَبر في السن فرأسها في مخافة الله اولاً التي تعلوا فوق كل الاعتبارات الاخرى . الرجولة لم توجد لتكون حبراً على ورق وأن تُقاد بمعيار التفاهات المجتمعية وما اكثرها اليوم , فمتى كانت القدرة على جذب الفتيات مقياساً للرجولة وبأعتبارات خوض العلاقات معهن ؟ ومتى كانت عبارة عن مدى استغلال الاصدقاء أبشع استغلال وفق مصالح معدة سابقاً ؟
ليس بغريب عن مجتمعنا الجاهل أن ينتج هكذا شخصيات رجولية تنبى على اعتبارات خاطئة وليست كفوءة بلقب الرجولة . فلغة الانتقاد اصبحت عكسية , فبدل انتقاد الافعال بدأنا ننتقد ردودها , فعندما تدخن لا تجد انتقاداً موجهاً وبناء الا ما ندر , ولكن عندما تنتقد حالة معينة لاحد المدخنين تجد الابواق موجهة نحوك بأشد العبارات السلبية والانتقادات اللاذعة , كأنك فعلت جرماً . هل المعيار اصبح عكسياً , الانتقاص اصبح اشد جمالاً من الاكتناز , شباب اليوم ملغم بالعديد من الفئات المنحطة , فنجد حبل الكذب امتد لاقصى حد , الذي يجعله يتصل بحبل السرقة , الذي لا يقل وطاءةً عن حبل الزنا , وكافة الموبقات الاخرى . وبالعكس أصبحت هذه الامور فخراً للشاب ليتباهى بها ومدعاة الرجولة . حتى اصبح شارب الخمر يتفاخر برائحة فهمه الكريهة, كأنها صانعة واداة للرجولة العمياء. ظواهر كثير , وسلبيات في التكوين لا تعد ولا تحصى ادت الى ضياع الرجولة شيئاً فشيئاً لمن يضن نفسه رجلاً لكنه بلا مدخلات ولا مخرجات ايجابية , سوى كاهلاً محملاً بالانحطاط الاخلاقي . لو ادركنا مخافة الله لما ضاعت خيوط حياتنا هباءاً منثورا , لان الحكمة الاساسية هي ادراكك ان الله يرى كل افعالك قبل ان يراها غيرك , تلك قاعدة ثابتة , فعندما تسرق لا تنتظر احد ان يراك ويفضخك وفكر لوهلة ان الله يراك , لانك لو فكرت ستتراجع لان خوفك من خشية الله اعظم من خوفك وخشيتك من خلقه ...