كتب- ثامر الحجامي:
لم يعد دراكولا يعيش في الأنفاق المظلمة، ليخرج في الليل يبحث عن ضحية يمتص دمائها، وما عاد يخاف ضوء الشمس، فقد صار يركب سيارات مظللة ومكيفة تجول في شوارع بغداد، ولن يخش الوتد الخشبي أن يغرس في قلبه، فقد أصبح يملك جيوشا تدافع عنه .
هكذا أصبحت مافيات الفساد وحوشا، تمتص دماء المجتمع وتعيث فسادا فيه، تلتهم المال العام وتشل حركة أمة كاملة، تنهب خيراتها وتنخر فيها وتلوث قيمها السامية، تمارس فعلها بكل يسر وسهولة، فهي عدو داخلي يخون ويغدر ويطعن في الظهر، يسير بين الناس يمتص دمائهم وينهب خيراتهم، فكانوا شركاء للإرهاب بل اشد منه فتكا .
وبعد أن كان الفاسدون يمارسون عملهم في الظلام، وفي الغرف المغلقة خائفين وجلين، تطور جيلهم حتى أصبح اليوم وقد استولى على مقدرات الدولة، فصارت السلطة الحاكمة تحمي الكثير منهم وتسخر إمكاناتها للدفاع عنهم، وصار القضاء طوع أيديهم، فمن يحكم بالجرم منهم في الصباح يخرج بريئا في المساء، وسخروا أموال الفساد للتغني بهم وجعلهم أبطالا من ورق، وليجعلوا الشعب في غيبوبة، ينظر للسراق أمامه ويناديهم بالمصلحين !.
وتعاون الإرهاب والفاسدون على بغداد، هذا يقتل أبنائها ويملأ شوارعها دما عبيطا، وجعل أيامها دامية، وهؤلاء استباحوا خيرها وغيروا معالمها، فعصاباتهم المنظمة استولت على كل شيء، وجعلته ملكا لها تتاجر فيه، ومشاريعها العمرانية بيد سماسرتهم يتقاسمون أموالها، فعطلوا بنيانها وأوقفوا الحياة فيها، ومدوا أذرعهم كالأخطبوط ليستبيحوا العراق كله، وأصبحوا يتفنون في ألاعيبهم التي لم ير العالم لها مثيلا .
وأصبح الفاسدون يتفنون في مواجهة القوانين ومن يقف بوجوههم، بل صاروا يتهمون النزيهين والشرفاء بالفساد، مستخدمين قوتهم الإعلامية وجيوشهم الالكترونية، في تشويه سمعتهم والنيل منهم، يدعمهم المستفيدون منهم الذين أصابتهم جرثومة الفساد، ولوثتهم آفاته التي انتشرت وغيرت أخلاق المجتمع، فصار لايميز بين الصالح والطالح .
فكان أن انتصر العراق على الإرهاب، ولكن الفرحة بقيت ناقصة ونحن نعاني من الفساد والمفسدين، الذين كانوا سببا في جلب الإرهاب وعونا له، فعلينا إكمال الفرحة وضرب رؤوس الفساد، والتصدي للأصوات العالية، التي تدعوا الى مكافحة الفساد لتتستر على مفسديها، فهل بإمكاننا اختراع الترياق الذي يخلصنا من دراكولا ؟ الذي إمتص دمائنا وعاث في الأرض فسادا .