كتب / علي الحسيني:
تقوضت كل الحلول والعلاجات، التي وضعتها السعودية وحلفائها لسد هوة المشكلة القطرية، التي أتسعت بعد لعب قطر على وتر يرعب أبناء البادية، سنذكره لاحقاً، فالموضوع ليس خاصا بالإرهاب مثلما يذكر الدول الأربع، فالإرهاب العالمي هو الأبن البار والمدلل بأموال النفط لجميع الأطراف المتناحرة.
الفوران في الإعلام الخليجي من الدول الأربع ضد قطر قد وصل ذروته، حيث إننا لاحظنا قنوات فضائية سعودية، قد عبئت حملاتها إلى مستويات مضحكة، حيث تخرج لنا أحدى مذيعات فضائية العربية (الحدث) تتكلم عن قطر وتفتتح حوارها مع الضيوف قائلة، متى يتوقف هذا الاستهتار القطري، علما بأنها لبنانية الجنسية، ومن المفروض أن تكون مع قطر لأن قطر سمحت للشعب اللبناني بدخول قطر بدون تأشيرة دخول، فالأموال السعودية تشتري ذمة الجميع، ويخرج لنا من نافذة أخرى، أحد الشخصيات الرياضية السعودية الرفيعة المستوى في الاتحاد الآسيوي، مهددا بسد قنوات beIN SPORTS الرياضية ورفعها من قمر عرب سات ونايل سات، وابعاد نهائيات مونديال 2022 من قطر لتبنيها الإرهاب.
الحملة التي تظهر سذاجة وسخافة حكام هذه الدول المتنازعة، تستمر إلى تناحرات ودرجات طفولية، حيث بدأت السعودية والإمارات والبحرين تبحث عن أعذار تافهه مثل إبعاد قطر عن كأس الخليج، وقامت هذه الدول بمنع تداول قميص نادي برشلونة في الاسواق، وهددت بأعتقال كل شخص يرتدي هذا القميص لأنه يحمل شعار شركة طيران قطر، وهذه الحملة تذكرني عندما كنا نقف صغارا في الشارع جنب إلى جنب لنعرف من هو الأطول بيننا ليقول أنا الأقوى أنا الزعيم، فأصل المشكلة الخليجية هي حول الزعامة لدول الخليج، التي بدأت تطمع بها قطر لتأخذها من السعودية بعد تدهور الواقع السياسي الداخلي في السعودية، وقد خرج من لسان وزير خارجية السعودية عادل الجبير أثبات ما نقول، حيث تكلم بالحرف الواحد قائلا، إن العقلية الجديدة في قطر عقلية طاووسية تريد بزهوها سرقة القيادة منا.
اما البحرين التي تحترق بنيران مشاكلها الداخلية، ظهر غيضها بنفس مستوى نيران المظاهرات في المنامة، حيث يقول وزير خارجيتها خالد بن احمد بن محمد آل خليفة الذي بدى متهجما بقوة، قائلا قطر دولة ترعى الإرهاب وتسعى للتغير الديموغرافي في البحرين، حيث أنها تجنس الشباب البحريني السني وتترك لنا الشيعة، ليستمر الشغب في البلاد، وبذلك يصبح لدى قطر تحسن وزيادة بالثروة البشرية كما ونوعا، ويصبح لها ثقلها الخاص في المنطقة، لتحتل الصدارة على حساب الجميع، اما الإمارات فقد أطلقت على قطر الدولة الموبوءة، فحتى الإرهاب يجب أن تقوده السعودية، حسب النظرة الإماراتية، وتُقَسَم الأموال الاماراتية والقطرية التي تقدم للأرهاب بيد السعودية، هذا هو الرأي الإماراتي، فهم يريدون التبعية للسعودية لهم ولقطر، فلا يعجبها أن تتفوق عليها قطر، بل يجب أن يستمرا معا جملين صغيرين تحت أحضان تلك الناقة السباقة في كل المؤامرات العالمية، فالخطاب الإماراتي المتكرر على لسان أكثر الشخصيات السياسية والخبراء الاماراتيين، هو قولهم لقطر بأن الحلول تكمن هنا لدى عَمُنا الكبير في السعودية، وليس في الغرب او باقي دول العالم.
اما مصر في زمن السيسي، فهي مجرد جندي مرتزق يعمل بأخلاص للأموال السعودية، فليست مصر كما كانت سابقا، لها ثقلها العربي، إنما بوصلتها السياسية تتحرك بخط مستقيم مع الريال السعودي، ودليل ذلك انضمامها كجندي بقيادة السعودية بحلفها لمحاربة اليمن، وتوجه خطابها السياسي مع الحملات السعودية، وهناك أمر آخر تتذرع به مصر، وهو قيام قطر بأيواء بعض الارهابيين من قيادات الإخوان المسلمين المصريين، وعدم تسليمهم للحكومة المصرية لمحاكمتهم، وعلى رأسهم الإخواني يوسف القرضاوي.
تكلمنا عن حملات الإعلام الخليجي المضاد لقطر، والآن نقول لكم لماذا هذا الهدوء في الإعلام القطري ضد تلك الدول، هنا سوف أذكر لكم الوتر الحساس الذي لعبت عليه قطر، ضد تلك الدول الأربع، والوتر هو الحلف والعلاقة الجيدة التي وطدتها قطر مع الوحش الذي يرعب دول الخليج وهو إيران، حيث أستغلت خوف تلك الدول من طهران فبدأت بتوسيع تجارتها مع طهران، واعترافها بأن إيران دولة أسلامية تستحق أن تقيم معها علاقات طيبة، او ربما تكون بينهما مناورات وتدريبات عسكرية، فالأمر لا يدعو للقلق من إيران فهي دولة صديقة لنا، وهي من أهم دول المنطقة سياسيا وأقتصاديا ونبذا للأرهاب، هذا هو الرأي القطري المعلن عنه دولياً، ومن جهة أخرى فقد سمحت قطر للشعب اللبناني بدخول اراضيها بدون تأشيرة، وهذه الخطوة قال عنها وزير الداخلية السعودي انها بالطامة الكبرى فأننا سنجد حزب الله يحيط بنا من كل جانب، كما أستغلت قطر الوجود التركي الطامح بأزاحة السعودية عن الزعامة الإسلامية السلفية، وإعادة المجد العثماني، لذلك أصبحت تركيا في الجانب القطري.
فالثور الخليجي القطري الجديد بنظر السعودية، الذي بدأ خواره يعلو، ويحاول أن يطرد الجمل السعودي من الساحة السياسية، العربية والأقليمية والدولية، ويأخذ مكانه في كل شيء، حتى في دعم الإرهاب، وتجنيد الإرهابيين، وصناعة دواعش جدد، وصناعة أسامة بن لادن جديد قطري الجنسية، وحتى صناعة محمد بن عبد الوهاب ليكون رمزا قطريا جديدا، يأخذ زهو الإفتاء السعودي وحتى زعامة الأزهر المصري، قطر تريد أن تتفرد حتى بتملقها للغرب وأمريكا لكن بزعامتهم الخاصة، وليس عن طريق السعودية، التي تعتبر البنك المركزي الأمريكي، فبدأت قطر بحملة لشراء أصحاب الفتاوى التكفيرية، وضمهم إلى جانبها واستقطابهم إلى قطر، مثل قيادات الإخوان المسلمين وشيوخ الإرهاب العراقيين وغيرهم كما أسلفنا.
إذن فالحرب الإعلامية المستعرة في دول الخليج، والمشاكل الاخيرة التي عصفت فيما بينهم، لم يكن سببها الإرهاب، ومن يتبناه، فالإرهاب بالنسبة لهم دين، وهم لا يتخلون عنه، فبه يعتاشون جميعا، فقد خصصوا أكثر أموالهم له، هم الإرهاب وهم منابعه وهم داعميه ومنهم خرج ولازال يخرج، أصحاب العقول المتحجرة، أصبحوا يتهمون بعضهم البعض بالإرهاب، فكر الإرهاب خرج للعالم من هذه الدول، هذه المرة صراعهم من أجل الزعامة الخليجية فيما بينهم، أصبحوا يتقاتلون على القيادة، ومن يكون الجمل الاحمر الذي يقود باقي القطيع.