كتب / شهاب آل جنيح :
نفاق وازدواج في وطن صار للصراع ميدانا، تسقط مدينة وتباد أخرى، بل يسقط بلد ويشرد أهله، تحاك المؤامرات ضده في السر والعلن، فساد وإرهاب وطائفية؛ مزق الوطن، فصار عليلاً لا يقوى على النهوض، وترك وحيداً تدور الذئاب حوله.
الوطن يحتضر، فتركه دعاة المدنية المزيفون، لا مدنية ترجى من بلد يصارع الموت، ولا طاقة لهم اليوم "بداعش" وجنودها، كل البلدان صارت محط لرحالهم، فهم وطنيون في السلم، حين توزع المناصب، وتخضر الأرض، وتنضج الثمار، هم وطنيون عندما تُحَرر البلاد، ويستشهد الشباب، وتثكل الأمهات، وترمل النساء، عندها يعودوا للوطن الذي تركوه، ليطالبوا بدولة على هواهم!
دعاة المدنية الذين ينتقدون المرجعية الدينية، ويحملوها مسؤولية فشل الحكومات المتتالية، وهي منه براء، فالمرجعية دعت إلى المشاركة في الانتخابات، ونادت بانتخاب الأكفأ والأفضل، النزيه وليس الفاسد، الناجح لا الفاشل، لكن ما أن وضعت الانتخابات أوزارها، حتى بان ازدواج ونفاق بعض الناخبين الذين انتخبوا الفاشلين وأعادوهم للسلطة، فهل تتحمل المرجعية خطيئة الناخبين، الذين أيدوا الفاسدين والفاشلين؟
عندما سقطت محافظات الموصل وديالى وصلاح الدين، أين حلول أصحاب الدولة المدنية، الرافضين للتدخل الديني في الشأن السياسي؟ لماذا لم نسمع صوتهم ولم نرَ بنادقهم تدافع عن بغداد، حين صارت "داعش" على أبوابها؟ إذا كانوا بهذا الحجم، الذي جعلهم يعترضوا على دور للمرجعية؛ فأين ثقلهم على الأرض؟ أين جماهيرهم؟ ولماذا لم تنتخبهم ليتمكنوا من إدارة الحكومة؟
الفاسدون الذين تسلموا زمام السلطة، لا أحد يعلم كيف حكموا؟ فهم صم بكم عمي في كل شيء، سوى الفشل والفساد، إذا كان حمورابي حكم في هذا الوطن، فأين أحفاده؟ قوانين وضعها قبل آلاف السنين، نظمت حكمه، وها نحن لسنين ندور في حلقة مفرغة، إذا كانت هذه الأرض مهد حضارة سومر فأين السومريون؟ مالنا كلما خرجنا من مصيبة؛ دخلنا في أخرى أشد وأمر؟
الحزب الذي تَسلم السلطة لعشر سنوات متتالية، منذ أن سقط صنم البعث، هو الذي يتحمل مسؤولية هذا الخراب والدمار، ورئيس الوزراء السابق لم يستمع إلى النصائح، وأدار الحكومة بعقلية متخلفةً، تركت لنا وطن ثلث أراضيه محتلة، واحتقان طائفي رهيب، وكادت بغداد تسقط لولا، فتوى الجهاد الكفائي، التي حفظت العراق وشعبه، من إرهاب عصابات "داعش" فتشكل الحشد الشعبي، من شباب مرجعيون عراقيون تلبية لنداء المرجعية.
الحكومات المتعاقبة فشلت في إدارة الدولة، فظل منبر الجمعة ينادي بالإصلاحات، والحكومة لا تحرك ساكن، حتى قالت المرجعية: " بُحَ صوتنا" وكالعادة لا مجيب، فكانت الرسالة الأخيرة هي إلغاء هذه النصائح، "فلا رأي لمن لا يطاع"، إن المجتمع الذي لا يسمع كلام العلماء والحكماء، مجتمع فاشل ومنافق، المرجعية ليست بحاجة للناس بل العكس صحيح، وسَيأتي يوم ويندم جميع من خالفها، ولم يَستمع لنصحها، ولآتَ حينَ مَندَم.