كتب - الدكتور لطيف الوكيل :
العلاقة بين تأثير السعر على الدخل الريعي من اسواق النفط الخام وتأثيرالحاجة الماسة الى عوائد النفط على سعر النفط.
تلك العلاق المتبادلة هي التي جعلت سعر النفط مع مرورهذا الزمن على التوالي يتراجع.
قبل استيعاب هذه النتيجة فكريا لابد من تحليل
نوعية عرض النفط
اذا ازداد انتاج فعرض النفط في اسواق النفط الخام من جانب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD )
أي الدول الصناعية يرتفع سعر النفط, لان تكلفة استخراجه هي الاعلى في العالم ولابد من السعر تغطية تلك التكلفة الكلية العالية لإنتاج النفط.
ان سعر النفط موحد في الاسواق العالمية للنفط الخام وبغض النظر عن الدولة المصدرة للنفط الذي يأتي من مختلف الدول الى سوقه الدولي وحيث يحدد سعره.
هذا السعر الموحد يشمل ايضا النفط ذي التكلفة الاقل كتكلفة انتاج دول ( OPEC). فيحصل فرق في تكلفة الاستخراج وهذا الفرق يدعى في لغة الاقتصاد الريع التفاضلي وهو ويعود الى دول أوبيك وأي دولة تستخرج النفط بتكلفة أقل من تكلفة الدول الصناعية.
اذا انخفض سعر النفط سينخفض معه الدخل الريعي التفاضلي واذ كانت الدولة المصدرة من اوبيك تعتمد ميزانيتها على عوائد النفط ستضطر وحسب اعتماد ميزانيتها الى زيادة انتاجها من النفط لسد النقص الذي حصل نتيجة انخفاض سعر النفط في الاسواق الدولية.
سيؤدي ذلك العرض المتزايد من قبل دول اوبيك الى تدهور سعر النفط الموحد في الاسواق الدولية’ هكذا دواليك , وبما ان هذا السعر المنخفض يسد مجموع تكلفة انتاج النفط بالإضافة الى كمية اقل من الريع التفاضلي ستستمر دول اوبيك في زيادة انتاجها وينخفض سعر النفط فتزيد الانتاج دواليك.
وعليه ستزداد حصة اوبيك نسبيا من مبيعات النفط وستستحوذ على كم اوسع من سوق النفط وعلى حساب حصة نفط الدول الصناعية ذي التكلفة الاعلى. فزيادة الطلب على النفط ستسد من نفط اوبيك القليل التكلفة. هنا زيادة الطلب على النفط سوف لن تؤدي الى زيادة سعره. واذا الطلب لم يزداد وانما عرض نفط اوبيك يرتفع ,ستضطر حقول النفط ذي التكلفة الاعلى الى التوقف عن استخراج النفط. وستنتظر ارتفاع سعر النفط كي تعاود الانتاج.
لكن لماذا حصلت تلك الحلقات المفرغة التي ادت الى تدهور سعر النفط دواليك مع استمرار الزمن ؟ ذلك مرجعه الى بداية تلك الحلقات المفرغة التي ابتدأت بزيادة عرض نفط اكبر منتج للنفط باقل تكلفة وهي المملكة العربية السعودية وتبعتها دول مجلس التعاون العربية. لزيادة حصتها في سوق النفط. وبما ان سعر النفط قائدا لجميع اسعار انتاج الطاقة النظيفة والفحم الحجري, ستتراجع صناعة الطاقة النظيفة ويزداد اعتماد الصناعة التحويلية والتدفئة على النفط.
بالتالي ستنخفض تكلفة الصناعة التحويلية عموما والمعتمدة على البتروكيماويات خصوصا وكذلك يزداد الطلب على السيارات لرخص سعر البنزين. وستستفيد خزائن وموازنات الدول الصناعية من ضرائب الطاقة لان انخفاض سعر النفط يسمح لها بزيادة الضرائب على مشتقات النفط. انها خطة محكمة لانعاش الصناعة والاستثمار الرأسمالي على حساب دول اوبيك.
ما الفائدة التجارية التي تجنيها امريكا من انخفض سعر النفط؟
سعر النفط المنخفض يحد من تطوير الصناعة الاستثمارية التي تحاول الابتعاد عن استهلاك النفط وتعويضه بالطاقة النظيفة ، اي سيزداد اعتماد الصناعة التحويلية على استهلاك النفط ..علما ان الصناعة الامريكية وتابعاتها مثل الصناعة الصينية والهندية والدول النامية تعتبر متخلفة بالمقارنة مع الصناعة الاوربية واليابانية التي ابتعدت رويدا وكلما ازداد سعر النفط عن استهلاك النفط وعوضته ببدائل مثل الطاقة النظيفة واقتربت الى الاقتصاد باستهلاك النفط لارتفاع سعره , بعكس الصناعة الأميركة المعتمدة على استهلاك النفط الرخيص حيث ان سعر النفط في امريكا اقل من سعره في أوربا واليابان وهذه المعادلة جعلت الطلب العالمي ينتقل من على البضاعة الامريكية الى الطلب على المنتوجات الصناعية الاوربية واليابانية التي تقتصد في استهلاك المشتقات النفطية. اذن من مصلحة امريكا ان يكون سعر مشتقات النفط منخفض, كي يعود الطلب على صناعتها من قبل الهند والصين وكذلك عودة الطلب على منتجاتها التي تستهلك الكثير من مشتقات النفط.
متى يزداد سعر النفط؟
ان تلك الحلقات المفرغة التي ادت الى خفض سعر النفط على التوالي ابتدأت بضغط سياسي دفع السعودية الى زيادة عرضها من النفط وبما انها اكبر مصدر للنفط حيث تصدر ثلث صادرات اوبيك واعترضت على خفض انتاج منظمة الدول المصدرة للنفط ( OPEC), فلم تتمكن اي دولة من دول الاوبيك بمفردها خفض انتاجها لوقف تدهور سعر النفط, بل زادت من انتاجها لسد نقص عوائدها جراء تدهور سعر النفط.
ان الدافع لتلك الحلقة المفرعة هو الضغط السياسي ، بسبب الازمة الاقتصادية العالمية التي حلت في الصناعة التحويلية وانخفاض الطلب على السيارات ومختلف العجلات وارتفاع تكلفة الصناعة التي تعتمد على البتروكيماويات كمواد اولية. ان انخفاض سعر النفط الى ثلث ما كان عليه ادى الى انتعاش الصناعة التحويلية وحل الازمة الاقتصادية العالمية.
لكن الصناعة النفطية واستخراج النفط ذي التكلفة العالية واستخراج الطاقة النظيفة لن تبقى الى ما لا نهاية منتظرة مكتوفة الايادي فهي ايضا تشكل جزء من اقتصاد الدول الصناعية. ان تلك الصناعات تصبوا الى زيادة سعر النفط المنافس والقائد لأسعارها. وتأمل من منظمة الدول المصدرة للنفط اوبيك الى خفض انتاجها كي تتمكن من العودة الى الاستثمار في صناعة الطاقة النظيفة من حرارة الشمس وحركة الماء والهواء وانتاج النفط ذي التكلفة الاعلى
لكن انتعاش الصناعة التحويلية عموما والتي زاد اعتمادها على استهلاك النفط سيؤدي الى زيادة الطلب على النفط ومشتقاته. واذا لم تسد اوبيك ذلك الطلب المتزايد ستتمكن الحقول النفطية ذي التكلفة العالية من سد الطلب المتزايد على النفط ولابد لسعر النفط من الارتفاع كي يغطي تكلفتها العالية. فارتفاع سعر النفط سيكون قافزا ومتتالي الارتفاعات بسبب عودة الاعتماد المتزايد عليه من جهة وانتعاش الاقتصاد الصناعي من جهة اخرى وعلى الاخص انتاج السيارات بسبب ارتفاع الطلب المدفوع من انخفاض سعرالوقود ، اضف الى ذلك توسع الانتاج الصناعي ونضوب النفط المستخرج بتكلفة واطئة سيحول استخراج النفط نحو الحقول النفطية ذي التكلفة العالية وفق نظرية دافيد ريكاردو.
وبالتالي لابد من ارتفاع السعر وبذلك يفرض الاقتصاد نفسه على السياسة.
لذا استراتيجيا ارتفاع اسعار النفط حتمي اما تكتيكيا سيبدأ في نهاية الشهر الثالث واكيد في هذه السنة.