كتب / هيوا حاجي:
هناك انشقاق كبير في البيت الكوردي، وقد وصل هذا الانشقاق الى مرحلة بحيث بدأت بعض الأقلام تكتب عن اعلان استقلال اقليم كوردستان، حتى وان حصل ذلك من خلال محافظتين فقط، فيقال من هنا وهناك بأن "الحزب الديمقراطي الكوردستاني سوف يعلن عن دولة كوردستان حتى وان ضمت محافظتي اربيل ودهوك فقط".
انا لست متأكدا، من ان تكون هذه هي السياسة التي يفكر بها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ولكن ليس لدي شك بأن هناك نخبة يستخدمون هذا الاسلوب، لكي يخفوا الازمة الداخلية في اقليم كوردستان، ومن المحتمل ان يتواجد اشخاص يعتقدون بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأطراف السياسية الاخرى قد توصلوا فعلا لمرحلة التقسيم فيما بينهم.
فهم يظنون بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يستطيع ان يعلن عن استقلال اقليم كوردستان من طرفه في الوقت الحالي، أما الاطراف الاخرى والتي تتمتع بنفوذها السياسي والعسكري في محافظة السليمانية ومناطق كرميان فسيخيرون بين ان يكونوا جزءا من هذه الدولة أم يكونوا خارجها.
ومن الممكن ان يتسبب هذا الاختيار في التسبب بالإحراج لكثير من الاطراف السياسية، سواء رفضوا اعلان الدولة الكوردية أو في حالة بقاءهم خارج هذه الدولة.
مهما كانت طريقة التفكير في هذه المسألة، فهي غير صحيحة سواء من الناحية الاخلاقية او السياسية، فعلينا اولا ان نعلم بأن اي انقسام سياسي في اقليم كوردستان، وخصوصا اذا كان هذا الانقسام بهذا الحجم الكبير الذي يتوقعه الاخرون، سيكون مصدر لإنشقاق كبير بين افراد المجتمع المتواجدين في اقليم كوردستان، ومهما كان هذا الموضوع سياسيا، إلا انه اخلاقي ايضا وبشكل كبير، فالإتحاد الوطني الكوردستاني كان دوما جزءا لا يتجزأ من البيانات السياسية الرئيسية في كوردستان وله تاريخه، ولحد الآن مازال مؤيدوه يضحون بأرواحهم لحماية هذا الاقليم، ولهذا فأن تجزئة اقليم كوردستان يتصل اتصالا مباشرا بتاريخ هذه الاطراف، وكل خطوة عكسية قد تقوم بها هذه الاطراف ستعتبر مسألة غير اخلاقية امام الجميع.
قد يقول البعض بأن السياسة والاخلاق هما مجالان مختلفان عن بعضهما البعض، إلا انني افكر بعكس هذه النظرية تماما، فأنا اعتقد بأن السياسة مهما كانت حقيقية أو واقعية، إلا ان لها بعد اخلاقي قوي، فالسياسة مرتبطة ارتباطا قويا بالحقيقة، وبحقوق الانسان، وبالترابط الاجتماعي بين الشعوب، وبأمور اخلاقية اخرى، فالسياسة ليست علم وتجربة فقط، بل يمكن ان تكون طريقا لمحاولة خلق حياة سعيدة للجميع.
فالإنسان السياسي هو مثل الطبيب او المعلم، الذي لا يكفيه العلم فقط، بل عليه ان يعتمد على المجال الاخلاقي ايضا سواء في معاملة الطبيب مع مرضاه، او في تعامل المعلم مع تلاميذه، ولهذا اذا تم الفصل بين الاخلاق والسياسة، فستكون هذه السياسة محطمة لما حولها وستقوم بخدمة مصالح الاشخاص والاطراف القوية فقط.
اما الحقيقة الثانية في هذه المسألة فهي بأنه هناك طرفان سياسيان او اكثر لا يستطيعان ان يعملا معا، وهذا امر طبيعي ويحصل في كثير من الدول التي تنعم بالديمقراطية، ولكن هل هناك اختلافات عميقة لهذه الدرجة بين هذه الاطراف لكي تبتعد وتمتنع من العمل سويا مع بعضها البعض، نعم هذا هو الواقع، وذلك لأن الاطراف السياسية لم تستطع ان تتفق فيما بينها على برنامج تقسيمي معين، ومن غير المستبعد ان يتسأل شخص! ماهو الدليل على عدم قبول اهالي السليمانية ومناطق كرميان واربيل والدهوك من العيش معا؟
نحن في كوردستان قد شهدنا حربا داخلية دموية بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في الفترة الماضية، وقتل الآلاف من ابناء هذا الوطن خلال هذه الحرب، ولكن حينما اعلن عن الصلح بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، لم نرى اي شخص من السليمانية يقوم بأخذ ثأره من اهالي اربيل او يأتي شخص من اربيل يريد ان يقتل مواطنين من اهالي السليمانية.
وهذا دليل قاطع على ان الشعب في اقليم كوردستان ومهما كان مقسما بين هذا وذاك، إلا انه مؤمن بالعيش بسلام وتقبل الآخرين، لذلك يجب عن السياسيين ان يبقوا داخل سياستهم وان يقوموا بإدراتهم عن طريق الديمقراطية، بحيث لا يكونوا عائقا امام العيش بسلام وتقبل الآخرين.
وفي الختام احب ان اقول، لقد تحررت سنجار، ولكن بسبب المزايدات السياسية، لم تسمح بعض الاطراف بأن يحتفل الكورد جميعا بهذه المناسبة، ولكنني اتمنى في المرة القادمة، ان نستطيع جميعا ان نفتخر بهذه الانتصارات.