جبا - متابعات:
يبدو أن التحشية الدورية لقاعدة سد الموصل بمادة الأسمنت، كعلاج للحد من تآكلها، منذ إنشائه، لحد الآن، لم تعد مجدية، وأن السد يهدد مدينة الموصل ومحيطها بطوفان ارتفاعه 20 متراً.
ويشكل هذا السد «عقدة مائية»، لأن قاعدته بنيت على أرض تبين في ما بعد أن صلابتها لا تتناسب مع حجمه الضخم، كونه يعد أكبر السدود العراقية، في حال التمكن من استغلاله بنحو كامل، وفي ضوء الخطر الداهم بانهياره، تحرّك فيلق الهندسة الأميركية في العراق، في محاولة لرأب الانهيار والتصدّع الذي يهدّد المدينة ومحيطها بالغرق بفعل الطوفان.
وحذرت تقارير إخبارية، أخيراً، من أن مخاطر انهيار سد الموصل قد بلغت ذروتها.
ونقلت التقارير عن مصادر من داخل السفارة الأميركية في بغداد، أن الأخيرة «أنهت الشهر الماضي، استعداداتها، ووضعت ثلاث خطط طوارئ لإخلاء أفراد سفارتها ورعاياها، بالإضافة إلى رعايا وأفراد سفارات غربية أخرى».
وبدأت هذه الاستعدادات، منذ سبتمبر الماضي، عندما أشارت تقارير متخصصة إلى وصول التخسّفات الأرضية تحت جدران السد إلى مراحل متقدمة، أدت إلى تزايد الشقوق في جدرانه.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن السفارة شكلت خلية أزمة من المتخصصين، تجتمع أسبوعياً لمعاينة آخر التطورات وتقديرها، وكانت إحدى توصياتها، إرسال فريق متخصص من أفراد البحرية الأميركية ليغوصوا إلى قاع السد ومعاينة التخسفات والتشققات عن كثب، وبعدها، خلصت خلية الأزمة في توصياتها الختامية، إلى ضرورة الاستعداد لسيناريو الانهيار، ووضع خطط طوارئ لإخلاء أفرادها ورعاياها من العراق.
ويؤكد مختصون أن حال سد الموصل لا يختلف كثيراً عن أحوال العراق، الذي يتآكل وينهار بصفة متسارعة، نتيجة للأزمات المتراكمة منذ 13 عاماً، وأن انهيار هذا السد سيكون أسوأ كارثة إنسانية تحدث على مدى تاريخ العراق.
غرق سريع بالطوفان
وتشير أرقام دراسة، أعدها مركز بحوث السدود والموارد المائية في جامعة الموصل، وقدمت في المؤتمر العالمي الثالث عشر لتكنولوجيا المياه الذي عقد في مصر العام 2009، إلى أنه «في حالة انهيار السد، فإن 207 ألفاً و632 متراً مكعباً من المياه سيتدفق بسرعة 3.5 كيلومترات في الثانية، وبارتفاع 25.3 متر في الساعات التسع الأولى من الكارثة، وهو ما يعرض أكثر من نصف مدينة الموصل إلى الغرق بمياه يصل ارتفاعها 20 متراً».
تشريد الملايين
وتؤكد الدراسة أن «الكارثة البشرية والاقتصادية لن تشمل الموصل فحسب، بل ستؤدي إلى مقتل أكثر من مليوني عراقي وتشريدهم، فضلاً عن اكتساح مياه السيول لمسافة تقدر بـ500 كيلومتر، ضمن امتداد مجرى نهر دجلة وضفافه، لتغمر المياه أجزاء كبيرة من العاصمة بغداد، تصل إلى أربعة أمتار.
ويرى مختصون أن الكارثة الأخطر من كارثة الانهيار المتوقع لسد الموصل، هي تجاهل الحكومات المتعاقبة على السلطة في العراق بعد 2003، لتحذيرات العالم والهيئات المتخصصة.
كما أوصى تقرير فيلق المهندسين الأميركي، بـ«ضرورة العمل فوراً بإنشاء سد بادوش، كإجراء احترازي حال حدوث الانهيار، بالإضافة إلى بناء سد في اتجاه مجرى النهر، ليكون مصداً للسيول»، إلا أن الحكومة العراقية، آنذاك، رفضت الحلول البديلة، معللة ذلك بأنه «غير ضروري ومكلف».