كتب / مهند ال كزار :
منذ بداية التدخل التركي في مدينة الموصل، والإرادات تتصارع، وتتقاطع في ما بينها، حول اذا ما كانت تركيا قد خرقت السيادة العراقية أم لا؟ وهذه القضية تذكرني بموضوعة الدجاجة والبيضة، وأيهما سبق الاخر الى الحياة، والتي لازالت لم تحل ولم يتفق عليها، ولا أعتقد اننا سنتفق على هذا الموضوع حتى بعد أنتهاءه.
قبل أن نخوض في هذا الموضوع؛ علينا أن نتذكر قضيتين مهمتين؛
الاولى؛ أن تركيا تتوغل في عمق الاراضي العراقية منذ عام ١٩٩٤، من أجل مطاردة حزب العمال الكردستاني، حيث كان أخرها عام ٢٠٠٨، بناءاً على قرار صوت عليه البرلمان التركي، بسبب وجود تهديد على الأمن التركي لم تستطع بغداد تعقبه وأيقافه.
الثاني؛ أن العراق فاقد تماماً لصنع القرار، بسبب كثرة وتعدد مراكزه، وهذا السبب راجع لسيطرة الإرادات المتعددة على السلطات في الدولة، وهذه الإرادات لديها مدافعين وممثلين من شخوص وأحزاب ومنظمات .
عموما؛ لست هنا في باب التخفيف من أهمية الموضوع، بل على عكس ذلك تماماً، علينا أن نتيقن أن تركيا لم تتحرك من تلقاء نفسها، ولا أستبعد أنها جاءت مدعومة من الولايات المتحدة، وبعلم حلف الناتو، وهذا الامر راجع الى التغييرات الحاصلة في سوريا والشرق الأوسط، ولا ننسى الضغوط التي حصلت أبان تحرير مدينة تكريت، وما يحصل الان في الرمادي.
من باب العقلانية؛ علينا الا نصرف النظر عن حربنا ضد داعش، وأن نعطيها الأولوية القصوى، وأعتقد أننا نتفق جميعاً بعدم قدرتنا على فتح جبهة جديدة مع تركيا، وهي الجيش العاشر على مستوى العالم، وأن هذا الموضوع سوف يكلفنا ثمناً باهضاً.
في هذا الجانب؛ قد يسأل سائل ما هو الحل في ظل الظروف الراهنة؟
لنا في روسيا أسوة حسنة، لا أعتقد أن اختراق تركيا لحدودنا يتساوى مع ما قامت به عندما استقطت الطائرة الروسية، وبرغم ذلك هي لم تعطي مهلة الـ ٤٨ ساعة! وهنا نتحدث عن روسيا العظمى صاحبة الإمكانيات العسكرية والاقتصادية الكبيرة، التي تستطيع الرد في غضون دقائق.
ما أريد توضيحه؛ هنا تتدخل الدبلوماسية الواقعية، ألتي بأمكانها القيام بعدة أمور منها ؛
أقناع روسيا بتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن، ضد هذا التصرف، مما سيعطي رسالة بأننا سنتوجه اليها في حالة عدم ردع أردوغان وخروج قواته من الاراضي العراقية، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة وحلفائها، في ظل سيطرة روسيا على الأجواء في المنطقة.
الامر الاخر؛ بأمكان العراق اللجوء الى الامم المتحدة طبقاً للمادة الـ ١٠ من الميثاق، وكذلك اللجوء الى مجلس الأمن طبقاً للمادة الـ ٢٤ من الميثاق، وتنبيهه الى أن هذا الامر هو أنتهاك للسلم والأمن الدوليين، وكذلك اللجوء الى منظمة التعاون الاسلامي، وجامعة الدول العربية، وأتخاذ أجراءات منها قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وأبعاد من يحمل الجنسية التركية عن الاراضي العراقية، وأيقاف جميع المشاريع التركية وغيرها.
من باب التذكير؛ هل أتخذنا أي من هذه الإجراءات قبل ألزام أنفسنا بمهلة الـ ٤٨ ساعة لشن الحرب ؟ ألجواب أوضح من الشمس وسط قارعة الطريق.