كتب : رئيس تحرير جريدة البصرة / ناظم جواد الجابري
عندما يتعمق المراقب في ظاهرة الانتحار والتي استشرت وللأسف الشديد في العراق وفي البصرة في الفترة الأخيرة كما هو الحال في المجتمع الاسلامي والعربي ، يرى انها اصبحت تشكل ارقا ومخاوفا وقلقا لاكثر الاسر العراقية ، وتخوفها على افلاذ اكبادها "المراهقين " الذين اصبحوا بيادقا تحت رحمة وسائل التواصل الاجتماعي التي غزت البيوت لتربي شبابنا بهذه الأفكار الخطيرة الشيطانية - ان صح التعبير - لانها من عمل الشيطان ودسائسه وحيله لجر وازهاق النفس البشرية التي خلقها الله سبحانه وتعالى ، وجعلها في احسن تقويم في قوله تعالى : ((( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ))) ويكب نفسه في النار من خلال قيامه بالانتحار ، وفي تصوره انها الحل الاوفر والاجدر لحل المشكلة التي يعاني منها.
وعندما نبحر في قواميس معاجم اللغة للبحث عن كلمة الانتحار نجد ان "مصدر انتحرَ ، هو انتحار أخلاقيّ: تعريضُ السّمعة والنفوذ لخطر الزوال، إضرار بالذات، أو جلب الكارثة عليها ، او قيام الإنسان بقتل نفسه بوعيه أو بدون وعي، أو هو الفعل المقصود لقتل النفس أو زهق الرُّوح عن سابق تصميم : حاول الانتحار، ميْل انتحاريّ ، وغيرها من الأفعال الانتحارية كالشنق والقتل بطلق ناري مباشر كما نراه ونشاهده في الأفلام الأجنبية والتركية وحتى العربية التي أصبحت موضة ومطية يمتطيها كل من يقع في مشكلة مهما كانت اجتماعية او نفسية او أخلاقية او مالية او سياسية او اقتصادية وغيرها من النوائب والمصائب التي تضرب الانسان في هذه الحياة الدنيا.
واستكمالا لحديثنا وحتى لا نبتعد كثيرا عن سبب هذه الظاهرة وتداول وقوعها التي نسمع قصصها بين الحين والآخر ، وكي لاتتجدد مسامعنا بفاجعة ، وحالة انتحار جديدة من اعلى(الجسر الإيطالي) ، بأعتباره وسيلة سريعة وسهلة لـ (الآيسين) من هذه الدنيا ، لابد لنا ان نعد ونضع خطة ذكية لصد كل من تهون وترخص له نفسه في الرحيل عن هذه الدنيا بأتباع هذه الطريقة البغيضة والوحشية بحق النفس المحترمة التي يجب ان" تسخر لخدمة البشرية ونفعها وتعمر الأوطان ، بدل التهرب والانتقام منها بهذه الطريقة السيئة ، ومن هذا الجسر الذي انشأ لخدمة الناس ، وليس لهلاكهم ، والذي يعد من اكبر واهم الجسور في البصرة والعراق الذي يربط مركز المدينة بشرقها وبمنفذها الحدودي ، ويمتد فوق شط العرب بطول ١٦٠٠ متراً ، وبارتفاع 35 متراً فوق سطح الماء ، وتمر البواخر الكبيرة من تحته ، ويعد الجسر المعلق والأضخم في العراق، وثالث جسر في الشرق الأوسط ، فحينما نقوم بجرد واحصاء حوادث الانتحار من اعلى الجسر الإيطالي يتحتم علينا إعادة النظر للسماح بالسابلة والمشاة بالمرور من هذا الجسر ، او قيام الحكومة المحلية في البصرة بتنفيذ مشروع جداري وقائي جديد على طول الجسر من قبل الشركات المختصة بهذا المجال لمنع حالات تكرار انتحار جديدة في المستقبل ، بدون ان يحجب او يمنع منظر وجمالية شط العرب بأن يكون على شكل (مشبك) معدني او جدار زجاجي .. او الاستعانة بدل هذه الفكرة بوضع مصدات مطاطية او حبال مشبكة او اسلاك الفولاذ مابين فضاء الجسر والمياه تمنع وقوع عمليات الانتحار عند حدوثها من اعلى الجسر.
والحديث يطول ويقودنا الى طروحات وأفكار ومقترحات كثيرة يمكن للمختصين الوصول لها بكل سلاسة وبدون اية عوائق عند الجلوس على طاولة واحدة لوضع خارطة طريق سهلة وناجعة ويخرج عنها بتوصية لاقامة مشروع لحماية أرواح الناس بدل سماعنا بقصص يومية ومأساوية لاتعد ولاتحصى وتزداد مع مرور الأيام ويصبح هذا الجسر منحرا لكل من توصد الدنيا بوجهه الباب ليكون الطريق الوحيد هو الانتحار برمي بنفسه من اعلى الجسر الإيطالي!