كتب / رئيس التحرير - ناظم جواد الجابري:
يحظى الوضع الاقتصادي الراهن باهتمام بالغ من قبل العراقيين على الرغم من الثروات النفطية والغازية والطبيعية والإمكانيات الهائلة والاحتياط النفطي والايرادات التي يمتلكها هذا البلد ، وذلك بعد وداع الاقتصاد العراقي الحروب الطائفية والإرهاب والمفخخات والتفجيرات والانتحاريين والدواعش واخرها الجائحة التي اكتسحت العالم بما فيها العراق ، وشهد حينها تراجعا في معدل النمو الاقتصادي واخذ يشهد بعدها تعافيا تدريجيا من انتكاسة هذه الأزمة الصحية العالمية.
وقد لحظنا ان" المواطن العراقي البسيط وصاحب الدخل المحدود هو أكثر المستهدفين من أي ازمة اقتصادية او مالية قد تطال البلد ، وهذا ما شاهدناه في السنوات الأخيرة بسبب الضغوط الاقتصادية التي عصفت به آنذاك ، وما تبعتها من اثار مترتبة بعد رفع الحكومة لسعر صرف الدولار مقابل الدينار ، وانعكاس ذلك على مستوى معيشة العراقيين ؛ حيث ارتفعت أسعار كثير من السلع ، وتقلصت قدرة المواطنين الشرائية وفقد مداخيلهم الكثير من قوتها ، فضلًا عن الأزمات السياسية التي تستفحل بين الحين والأخر لتزيد من معاناة الشعب العراقي .
وبموازاة ذلك ينتقد العاطلين عن العمل ، ومن بينهم خريجو الكليات والمعاهد، الحكومات المتعاقبة ، كونها لم تلبي طموح اغلب الخريجين لعدم توفيرها درجات وظيفية تسمح لهم بالتعيين في دوائر ومؤسسات الدولة، وندرة الحصول على فرص العمل في الشركات الأجنبية.
ونشاهد الساسة الكبار في الدولة وعند كل ازمة دائما ما يرددون إنهم يريدون دعم القطاع الخاص، بدل الاعتماد على النفط ، والجميع يعلم أن العراق لا يوجد فيه قطاع خاص بالمعنى المعروف في العالم، فحتى الان لا يوجد ضمان للعامل، وكذلك لم تظهر شركات كبيرة في العراق للعمل معها، واغلب الشركات تقوم بإنهاء خدمات العامل معها في أي وقت، وبدون سابق إنذار وبدون أي مخصصات ، تماما كما شهدناه في فترة الجائحة التي ضربت العراق، وما شهدته البصرة كذلك .
ولاننكر ان" العراق كان يعاني من بطالة مقنعة في فترة النظام السابق، وكان يعيش حالة الترهل بل الفساد في مؤسساته ، إلا أن ذلك لا يستدعي توقف توظيف الخريجين أو ذوي الكفاءات، فذلك حقهم على الدولة، وحق الدولة عليهم .. فكما من واجبات الحكومة توفير الكهرباء والصحة والخدمات والحصة التموينية والماء الصالح للشرب وغيرها من الخدمات ، فمن اللازم ان يضع أعضاء مجلس النواب الجديد والحكومة الجديدة المقبلة في الحسبان ، وضمن الموازنة الجديدة لعام 2022 والتي يسميها المسؤولون في تصريحاتهم بالموازنة الانفجارية بالتخطيط والعمل على استحداث درجات وظيفية من فرص العمل للمشاريع الاستثمارية في ميزانيات الوزارات والمحافظات ، ولاسيما مع ارتفاع سعر برميل النفط الذي تخطى حاجز المئة دولار .. او على الاقل اعطاء المواطن حقه من الإيرادات النفطية.
ولذلك فإنه نرى ان العراق يسير على الطريق الصحيح ، فمع بلوغ العراق والعالم تعافٍ تام من الأزمة وعودة الحياة الاقتصادية إلى شكلها الطبيعي ، وبحال مر كل شيء بسلام ، واستقرت الأوضاع الصحية والاقتصادية في العالم ومرت بسلام وعدم تأثرها في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ، وعدم تأثر العراق بارتفاع بعض المواد الغذائية ومنها الحبوب بأعتباره من الدول التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير، ودون ان يحفل المشهد السياسي العالمي بتطورات وازمات جديدة ، يتحتم مع ذلك ان" نحسب الف حساب ، ونضع اكثر من احتمال .. سواء عند حدوث تراجع اقتصادي عالمي جديد او داخلي ، ويرسم المسؤولون في الدولة اكثر من احتمال ، والتعامل بحذر وروية مع المعطيات الاقتصادية ، وقراءتها بتمعن "حتى لا نقع في سوء تقدير ونرتكب الأخطاء من جديد في التحليل ، وتقودنا للرجوع إلى المربع الأول ، وإعادة سيناريوهات الأزمات الماضية".