رئيس التحرير - ناظم الجابري:
تتواصل يوما بعد اخر مشاكل العراقيين الذين لم يهنؤا بعد سقوط النظام الدكتاتوري البائد الذي اذاقهم القهر والقتل والدمار والتشرد والحرمان والسجون والتعذيب ومختلف فنون الاضطهاد والتعسف التي لاقوها منه .. وكم فرح العراقيين في بادئ الامر بأستلام رواتبهم بالدولار ، بدل الدينار ، وبعدها استعادت العملة العراقية لتتنفس الصعداء ، وتنتعش لتنافس بقية العملات العربية والاجنبية ، وتحسن سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار الامريكي ، وباتت ملامح الخير والنعيم تشع من وجوه العراقيين الذين بدأو يتنقلون شبه مترفين عند زيارتهم لبلدان الجوار ، والعالم ،ويروهم على كامل هيبتهم وكرمهم الذي كان يتغنى به الشعراء والكرماء لنفوسهم الحميدة المبنية على العطاء والجود والكرم بلا حدود ، خصوصا ايام زيارة الاربعين الحسينية.
فوربك .. ان هذه الانتقالة ، والفسحة ، وبداية طفرة الترف لم تستهوي وترضي وتريح انظمة بعض دول الجوار المعروفة بمكرها ، وعداءها ، وحقدها على الشعب العراقي بكافة اطيافه ، ومكوناته ،وباتوا يسخرون اموالهم البترولية الفائضة ، ومخابراتهم ، لدس الجهلة ، والتكفيريين ، وغرس الانتحاريين بين المدنيين العزل لنشر الموت ، وبث الحرب النفسية على هذا الشعب المظلوم.. والى اخره من دسائس على هذا الشعب والبلد .
وسرعان ما هبت علينا نكبة الموصل وداعش ، والفساد الذي طفح كيله ، وبات ينهش ويأكل الاخضر واليابس لمقدرات واموال الشعب العراقي ، لتزيد الامه ، ومصائبه ، وشاطرتها نكسة انخفاض اسعار النفط ، والكساد الذي طغى البلاد ، والقحط الذي اصابهم ، ولتتوجه الدولة بخطوات غير مرحب بها ، لتذكرهم بزمن النظام البائد ، وخصوصا في البصرة تلك المدينة المعطاءة والنابضة التي تغذي موازنة البلد بأكثر من 80% ، فأرادوا رهن نفطها ، وبعدها رفعوا سعر اسطوانات الغاز ، ومن ثم فرضوا التعرفة الكمركية ، ليقوضوا حركتها التجارية والاقتصادية ، ويتلاعبوا بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ، ومن ثم قننوا مفردات البطاقة التموينية ، وبعدها وتحت يافطة التقشف الحكومي والتخوف من الافلاس بأيقاف التعيينات ، والاستقطاع من رواتب الموظفين ، ولم يطمئن لهم بال حتى بدأو بالتخطيط لفرض تسعيرة على الكهرباء المتذبذبة في تلك الفترة ، وفرضوا فوق هذا الضيم بدعة الجباية الصحية بأستحصال الاموال من المواطن الهالك مبالغ الخدمات على القطاع الصحي لتمتص من دم المواطن العراقي المغلوب على امره ، تحت حجة دعم خزينة الدولة المتقشفة ، ليزداد الوضع ضنكا ، ومرارة وسوءا ، يوما بعد اخر .. جراء النظريات غير المدروسة الموضوعة ، والخاطئة التي تتبعها الدولة في معالجة هذه الازمات الاقتصادية لتخلق ردت فعل لم تحتسبها اطلاقا ، ومتوقعة لتهدم ماتم بناءه ، وتحرق ما عمرناه ، وتضرب ما دفعه الشعب عرض الحائط .. واذا بحقوق البصرة التي تداعي وتطلبها من المركز قد اصبحت في مهب الريح .. حتى اصبح الشارع يتقلب على صفيح ساخن ، وتفجرت ثورة الناس الساخطة والمنتفضة على الحكومة والمسؤولين في الدولة ، احتجاجا على هذا الواقع المزري ، والهزيل الذي يتجه الى المجهول ، بسبب تلك القرارات والمحاصصات والالتفافات رلا المقدمة لمصالحها على حساب وحقوق المواطن ، وفرهدتها دون رحمة او هوادة ، لتهب علينا نقمة جديدة بوباء كورونا ، لتصب الزيت على النار ، وتمثلت بأكبر امتحان يصيب العراقيين ، ويمس رواتب الموظفين ، والمتقاعدين ، وازاء هذا التخبط تتجه الدولة نحو المجهول الذي لانتمناه ان يحصل نحو تفتت ، واضمحلال ، وزوال هذا البلد الفتي ديمقراطيا وسياسيا واقتصاديا ، وغرق المركب بما حمل لاسامح الله !