رحيل الممثل والمخرج العراقي عبد المطلب السنيد

المجموعة: ثقافة وفن

1

 

 

جبا - متابعة:

نعت نقابة الفنانين العراقيين الفنان ،عبد المطلب السنيد ، في بيان صدر عنها صباح يوم الخميس8 / 3/ 2018"، واعتبرت رحيله خسارة كبيرة للفن العراقي.

وانطفأت في ولاية مشيغان الأمريكية يوم الاربعاء 7/ 3/ 2018 شمعة عراقية كانت متوهجة في عالم الدراما لأكثر من ثلاثة عقود.

فقد ودّعت الأوساط الفنية في العراق الفنان عبد المطلب السنيد، بعد معاناة مع المرض ابتدأت منذ مطلع العام الماضي.

 كانت رحلته الفنية المتوجة بالنجومية في عالم المسرح والسينما والتلفزيون قد بدأت أولى محطاتها مطلع سبعينيات القرن الماضي في مدينة الناصرية جنوب العراق، وبقي حضوره الفني كممثل من طراز رفيع مضيئا برصيد من الشخصيات التي اضطلع بتقديمها ولتبقى خالدة في ذاكرة الجمهور العراقي، وكانت شخصية (هلال الدوسري) الشاب القادم من الريف إلى المدينة بكل ما تحمله من بساطة وعفوية في مسلسل حمل عنوان (الدواسر) عام 1976 أول إطلالة له على شاشة الدراما التلفزيونية، تمكن من خلالها أن يضع قدمه بثقة على طريق النجومية، وكان أداؤه للشخصية تحت إدارة المخرج المصري إبراهيم عبد الجليل، إيذانا بميلاد ممثل كبير يحمل وعيا جديدا في التعامل مع أدواته، مبتعدا في تجسيده للشخصيات عن الإفراط في الانفعال والتعبير الجسدي والصوتي، كما هو سائد لدى غالبية الممثلين العراقيين، نتيجة عدم اهتمامهم بالتمييز بين الأداء المسرحي والأداء أمام الكاميرا، فكان عبد المطلب السنيد الأكثر تميزا وحضورا بين أقرانه من الممثلين في تقديم أداء يتسم بالعفوية والبساطة المستندة إلى وعي منهجي أكاديمي في كيفية التعبير عن المشاعر الداخلية، بدون حاجة لاستعراض وبهرجة في تقنيات الإيصال.

وفي عام1980 وصل ذروة أدائه ونجوميته عندما اضطلع بتأدية شخصية (شكيب) في مسلسل “فتاة في العشرين” للكاتب صباح عطوان والمخرج عمانوئيل رسام، فكان بحق النجم الأول في الدراما التلفزيونية العراقية آنذاك، بما جعله منافسا لأسماء رائدة كان لها حضور رصين لدى الجمهور العراقي أمثال يوسف العاني وسامي قفطان وسليم البصري.

لم يتوقف الفنان الراحل عند حدود العمل كممثل، بل واصل الدراسة الأكاديمية فأكمل دراسة الماجستير في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، ومن بعدها انتقل عام 1981 إلى الولايات المتحدة الأمريكية لينال شهادة الدكتوراه في الإخراج المسرحي، وقرر في حينها ألا يعود إلى العراق بسبب الأوضاع التي كانت تهيمن على بلده نتيجة الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988)، وفي ولاية مشيغان الأمريكية عمل على تشكيل مؤسسة ثقافية فنية تحت اسم (بيت العرب الثقافي) كان تعمل على إدامة النشاط الثقافي للمغتربين العراقيين. وفي عام 1984 أقدم على إخراج مسرحية “الخرتيت” للكاتب يوجين يونسكو على خشبة مسرح (الأرينه) في قسم المسرح في جامعة لوس أنجليس الرسمية، ثم أخرج مسرحية “المغنية الصلعاء” أيضا للكاتب يوجين يونسكو للعام الدراسي 1986-1987 وكانت سعادته آنذاك كبيرة في أن يكتب اسمه كمخرج مسرحي في جامعات أمريكية، حسبما جاء في حوار أجري معه في إحدى الصحف العراقية. وفي ما بعد أخرج أول عمل مسرحي لجمعية التراث العربية الأمريكية عام 1999 وكانت مسرحية “المهرج” للكاتب السوري محمد الماغوط.

خلال مشواره الفني الطويل كان له مشاركة عام 1977 في البرنامج التلفزيوني التعليمي الشهير “إفتح يا سمسم” ادّى فيها شخصية (انيس) ونال البرنامج في حينه صدى وقبولا كبيرين لدى شريحة الأطفال والفتيان، وتولت إنتاجه مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك في الخليج العربي. كما شارك أيضا خلال الأعوام الأخيرة في العديد من المسلسلات التلفزيونية التي تم إنتاجها بين العراق وسوريا ولبنان والأردن.

بعد عام2003 اختار أن يعود إلى العراق ليعمل مدرسا رئيسا لقسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة ذي قار في مدينة الناصرية، التي كانت انطلاقته منها. وبحكم عمله الأكاديمي كأستاذ في الجامعة أصدر عددا من الكتب منها “ملاحم كلكامش والإلياذة والأوديسه.. التشابه والإبداع والدراما” عن دار الفكر في دمشق عام 2005 ويعنى بالأدب المقارن للملاحم المذكورة في العنوان، وفي عام 2014 صدر له عن دار نينوى للدراسات في دمشق كتاب بعنوان” شكسبير بين الفطرة والعقل” تناول فيه بالتحليل أممية شكسبير الإنسان وسر خلوده، وآخر ما صدر له قبل أن يقعده المرض عن العمل، كتاب أكاديمي منهجي يهتم بفن الإلقاء المسرحي حمل عنوان” فن الإلقاء جماليات التلقي وموسيقى الكلام”.