صديق قديم للعرب بانتظار لمسة وفاء بصرية.. من يفتح باب مدرسة يغلق باب سجن.. فيكتور هيجو

المجموعة: سياحة
تم إنشاءه بتاريخ السبت, 06 أيلول/سبتمبر 2014 18:51
نشر بتاريخ السبت, 06 أيلول/سبتمبر 2014 18:51
الزيارات: 2932

كتب / زيد الصندوق:

في مرحلة كانت فيها المدارسُ النظامية حكراً على أبناء الأغنياء، ولم يكن بوسع أبناء الفقراء الذين يعتزمون تعلم القراءةَ والكتابة غير التوجه الى (الكتاتيب)، جاء الى البصرة الدكتور جون فان إيس (1879-1949)، وافتتح فيها عام 1912 مدرسة الرجاء العالي (The School of High Hope) التي تعد أول مدرسة أهلية نظامية في المدينة تقدم خدماتها التربوية والتعليمية مجاناً لأبناء الفقراء، وتدرس فيها العلوم المختلفة باللغتين العربية والانكليزية بدل اللغة التركية، وسرعان ما توسعت المدرسة لتشمل المرحلة المتوسطة، ومن ثم المرحلة الاعدادية، واستقطبت الكثير من المدرسين العراقيين والأجانب. الأديب والإعلامي إحسان وفيق السامرائي لم يغفل كفاح جون فان إيس من أجل العلم في كتابه (لوحات من البصرة) الصادر عام 2011، إذ أشار الى أن “الأب الدكتور جون فان إيس جاء من أميركا الى البصرة عام 1903 بهدف تبشيري تربوي، لفتح مدارسَ لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، وعندما قابل الوالي العثماني وأوضح له مهمته، إبتسم الوالي وقال له في تهكم: أفهم من كلامك تريد تعليم الحمير القراءة والكتابة…!!!”.

 

( من كتاب عن العمارة الاسلامية في العراق من رسم عمي السيد عز الدين الصندوق)

الدكتور جون فان إيس كان على ما يبدو يبذل جهداً تبشيرياً يخلو من الإبتزاز أو التجاوز على معتقدات المسلمين، فهم لم يتبع خطى المبشرين الأوربيين الذين سبروا أغوار أفريقيا ليطعموا الجياع بشرط اعتناق المسيحية، ولقد أكد الكاتب سلام كاظم فرج ضمن مقالٍ نشره عام 2010 أن “درس الدين الإسلامي في مدرسة الرجاء العالي كان يقتصر على الطلبة المسلمين، وهنالك حصةٌ واحدةٌ لتعليم الكتاب المقدس لم يكن حضورها إلزامياً، ومن يتغيب عن هذه الحصة من الطلبة لا يحاسب إطلاقاً حتى إذا كان مسيحياً”. يقال إنّ الدكتور جون فان إيس غادر يوم 22 نيسان 1949، عائداً الى أميركا بعد غياب دام 47 عاماً معظمها قضاها في البصرة، وعندما غادر لم يكن بحوزته من المال إلا مبلغاً بسيطاً، ومن مفارقات القدر أنه فارقَ الحياة بعد وصوله الى وطنه بأيامٍ قليلة، ليرقد بسلام في قبره الذي خطت على شاهده الحجري عبارة (كان صديقاً للعرب لمدة 47 عاماً). برأيكم ألا يستحقُ هذا الصديق أن يُطلق اسمه على إحدى المدارس الجديدة تقديراً لدوره في تعليم أجدادنا، أليس تكريمه بهذه الطريقة أفضل من أن تقترن بعض مدارسنا الحكومية باسماء أبطال من ورق، ومدنٍ ومناطقَ لا تنتمي الى خارطة الوطن ؟