البيوت الأثرية في مدينة الزبير تفوح برائحة التاريخ

المجموعة: سياحة
تم إنشاءه بتاريخ السبت, 07 آذار/مارس 2020 16:16
نشر بتاريخ السبت, 07 آذار/مارس 2020 16:16
كتب بواسطة: ناظم
الزيارات: 17036

 

كتب / حسين حسن صباح :

تفتخر اكثر الدول بتراثها فهو قوة مجدها وعنوان استمرارية بقائها ورمزها الحضاري والقدرة على صناعة الثقافة بعناصرها الجمالية ولمساتها الانسانية وقيمها الفلسفية ان التراث هو معرفة تاريخ الماضيين واسلوب معيشتهم ونضالهم وانماط حياتهم حيث تمتاز مدينة الزبير الصحراوية ذات العمق الضارب بالجذور التاريخية بوجود الكثير من الآثار والقصور التي مازالت تقاوم كل التقلبات الجوية والصراعات السياسية والتقدم العمراني الزاحف بقوة بكل مايملكة من تقنيات عصرية 

تذكر اغلب المصادر التاريخية بان بدايات تأسيس مدينة الزبير يرجع الى اصول نجدية وذلك عندما نزحت العشائر النجدية القادمة من الجزيرة العربية لتنطلق بوضع القواعد الاولية للبناء وما يؤكد ذلك ان اغلب المناطق اطلقت على اسماء شيوخها الا ان الحقيقة الغائبة هي وجود عائلات زبيرية سبقت قدوم النازحين من نجد تلك العوائل حافظت على عطر وجودها فرغم تقادم الزمن احتفظت بنبضات انفاسها غارسة اصابعها في عمق التاريخ ومازالت تتميز بقوتها الجاذبة لكل القادمين سواء للعمل او التجارة او المكان الآمن للاستقرار المعيشي 

ان البيوت الاثرية الحاضنة لسجلات الاحداث التاريخية وهي تحكي قصص العوائل التي سكنت وارتحلت وكل من مرعبر شوارعها الضيقة ( السكيك ) وهي عبارة عن أزقة ضيقة تقع بين البيوت وتتميز باسمائها التي تطلق على اسماء الشخصيات المعروفة او على البيوت القريبة منها من ازقة الزبير كانت تنبعث روائح البخور التي تطلقها نسوة يتمتعن بسحر يرتقي طبقات الجمال الممزوج بين الاصالة البصرية والسمرة الخليجية                                        دور الزبير السكنية  القديمة تمتلك مميزات فريدة في فنها المعماري  باشكال هندسية تعتمد القوة والصلابة وتثير في النفس الهيبة والشموخ فهي متلاصقة البناء بأسيجة مشتركة مع وجود نوافذ لمواصلة العلاقات الانسانية بين العوائل فكل من يطهو اكله جديدة أرسل بطبق الى جارة وكل مايحتاجة يتقاسمونه فيما بينهم اضافة الى المسامرة التي قد تستغرق ساعات وساعات                            

كان اغلب بيوت الزبير من الطين او الطين والجص وبمساحات واسعة  تسمح بتهوية ذاتية الحركة و بأسيجة عريضة وعالية توفر لهم الحماية الآمنه من اي اعتداء خارجي في مدينة كانت تتقاذفها الصراعات العشائرية وبأبواب كبيرة لدخول الاشياء الكبيرة او الحيوانات يتوسطها باب ضغير لدخول الافراد وتمتازبتصاميم وفق الاذواق الزبيرية فهي على شكل اقواس قوية من الجص والطابوق تربط بين جهتي الشارع يعقد فوقها الجلسات المسائية بين الاهالي المتلائمة مع الظروف الاجتماعية في تقاليدهم واعرافهم 

الا ان اغلب هذه البيوت التي حملت الطابع التراثي والعناصر الحضارية فقدت حضورها من خلال عمليات الهدم المستمر لانشاء دور سكنية وتجارية وتوسيع الطرق ضمن تخطيط المدن دون اي مراعات لحمايتها من الانقراض 

لذا يجب قيام الحكومة بشرائها ووضع اليد عليها ومن ثم تحويلها الى بيوت تراثية مع وضع لوحات اعلانية ومشروع كتابة تاريخها ووضع الاسيجة للحفاظ عليها وادامتها كواجهات تراثية تتمتع بها الاجيال كي يتسنى للمتابع التعرف على طرق معيشة الآباء والأجداد في تاسيس الدور السكنية بالازمنه الغابرة 

 

قال المؤرخ حسن زبون العنزي ان : البيوت التراثية في قضاء الزبير اصبحت في حالة بائسة ومعظمها مهدد بالاندثار والضياع رغم اهميتها التاريخية وطرازها المعماري الفريد من نوعه مبينا أن تلك البيوت تختلف في تصاميمها عن البيوت العراقية الاخرى هذه البيوت تتميز بأسيجة عالية الاتفاع نسبيا وتحتوي عل ( البادقير ) الذي يعد وسيلة بدائية مبتكرة للتهوية والتبريد كما كانت أبوابها الخشبية تختلف عن الابواب الأخرى فهي كبيرة ومزدوجة بمعنى ان الباب الكبير يتضمن بابا صغيرا ويطلق الزبيريون على هذا النوع من الأبواب تسمية ( خوخة ) ولفت المؤرخ العنزي وهو صاحب كتاب ( أيام الزبير وذكريات الزمن الجميل ) الصادر في الكويت قبل عامين ويقع في 600 صفحة الى ان من يشتري البيوت القديمة اصبح يهدمها لاويبني منازل جديدة على ارضها ولذلك أوشكت الزبير على فقدان بيوتها التراثية الجميلة مضيفا ان من الصعب جدا في المرحلة الحالية بناء بيوت جديدة وفق الطراز الزبيري لانها بحاجة الى بنائين يجيدون فنون العمارة القدسمة وكان البناءون سابقا يتفننون في وضع الاقواس والزخارف عند بناء البيوت الزبيرية ومن أشهر هؤلاء خلال القرن الماضي احمد رجيب وسليمان المسفر.