خطيب جمعة بغداد: المرجعية تحذر من خطر عظيم محدق بالعراق إذا ما أصرت الكتل المستكبرة على تجاهل دعوات الإصلاح

المجموعة: اسلاميات
تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 11 آب/أغسطس 2017 21:49
نشر بتاريخ الجمعة, 11 آب/أغسطس 2017 21:49
الزيارات: 4739

 

جبا - بغداد:

نقل امام وخطيب جمعة بغداد الشيخ عادل الساعدي في خطبة الجمعة، تحذير المرجعية الدينية من خطر عظيم محدق بالعراق إذا ما أصرت الكتل المستكبرة على تجاهل دعوات الإصلاح، معتبراً ان بعض الجماعات الاسلامية تنصلت عن مبادئها وانتمائها للهوية الاسلامية من اجل مصالح دنيوية، واصفاً الكتل الكبيرة بتصويتها على قانون سانت ليغو 1.7 إنما هو قانون يحفظ لهم بقاءهم في السلطة وهيمنتهم على مقدرات هذه الأمة، داعياً السياسيين الشرفاء والوطنيين إلى حراك سياسي لردع المتسلطين عن أنانيتهم واستحواذهم، مطالبا من الشعب بكافة أديانه ومذاهبه وقومياته ومثقفيه لأن يولدوا ضغطاً يردع الساسة المستخفين بشعبهم غير الآبهين لدعواته الاصلاحية.

وقال الشيخ عادل الساعدي من على منبر جامع الرحمن في المنصور بالعاصمة بغداد، ان "الانتماء إلى الهوية والاعتزاز بها من علامة الصدق وعدم النفاق وإن أصل التمسك وعدم التلون أمارة الإيمان وأما من يتلون مع كل ظرف فهؤلاء في الحقيقة لا إيمان لهم وللأسف اليوم نجد في مسارات بعض الجماعات الاسلامية ما يؤشر عليها ضعف انتمائها لهويتها والتنصل عن مبادئها من أجل مصالح دنيوية وطمعا في كسب ود غير المتمسكين بالشريعة السماوية فأخذت تغير من عناوينها وتستبدلها بعناوين فضفاضة وكل هذا يكشف عن ضعف الرؤية التي يعتقدها هؤلاء كما هو كاشف عن ضعف التربية الاخلاقية التي ربى انفسهم عليها العاملون".

وعن تظاهرات أهالي الكرادة بسبب انتشار الملاهي ومشارب الخمور، بين الساعدي "نحن نعتقد من غير شك أن الفشل فشل الافراد وهم من يتحمل مسؤولية الأداء المخزي وتغيير العناوين لن يجدي نفعاً في تغيير الاوضاع بل هو باب للدخول من جديد للسرقات والفشل بعناوين جديدة إذاً فالالتزام سبب للعطاء وسبب للنجاح ، والدين دافع كبير لإعطاء افضل النتائج وبناء حياة كريمة أما التنازل عنه ومحق الهوية الاسلامية فهو سبب في الفشل وتردي الحياة الكريمة ، وان هذه الانهزامية من أجل المصالح فتح الباب أمام ادعياء الحرية ومروجي سلوكيات التحلل إلى الاستخفاف بالدين والتعدي على المنظومة الدينية والأخلاقية وخنوع الجماعات الدينية وتخاذلها عن تطبيق وظيفتها الدينية، أدى بالناس إلى تظاهر أهالي الكرادة يوم أمس بسبب انتشار الملاهي ومشارب الخمور ودور الفجور والكوفي شوب ظاهراً والدعارة باطناً ومحلات القمار انتشاراً واسعاً من دون اجازات ورقابة ، وللأسف أن هذه الدور تقع تحت حماية كثير من المسؤولين العسكريين والسياسيين والمتنفذين وكل هذا دفع بالناس إلى التظاهر لحفظ كرامتهم والخوف على أبنائهم واعرافهم  وما صار الحال هذا إلا بسبب المجاملات السياسية والمغازلات النفعية والتنصل عن الهوية الإسلامية".

واشار الساعدي "إننا على يقين إن انتشار جرائم الخطف والسرقات في العراق وخصوصاً في بغداد ازدادت طردياً مع ازدياد هذه المحال والدور فحماية المجتمع وتوطيد أمنه يبدأ من معالجة هذه المشكلة المتفاقمة ولتأخذ الدولة ومؤسساتها دورها في ايجاد الحلول وتنظيم الفوضى بدلا من تكفل المجتمع الحل فينعدم الاستقرار فليس التطور والتحضر بالانفلات ولا بإطلاق العنان للغرائز ولا بالتنصل عن الأخلاق الكريمة بل الالتزام يدفع بصاحبه الى الابداع فإن مجتمع الرذيلة ينتج الجريمة".

ودعا الساعدي من الشباب الواعي واصحاب الاختصاصات الاجتماعية إلى "اعداد دراسات واحصائيات مقارنة بين المجتمعات المنفلتة والمحافظة ولو نسبيا ومعدلات الجرائم فيها وذات البلدان في ازمنة مختلفة كما هي عليه قبل مائة عام مثلاً وسيجد الباحث مع كل انتشارٍ لدور الرذيلة زيادة الجرائم والتعدي وحالات الخطف والاغتصاب ، وليست دعوتنا هذه لأسلمة المجتمع وتدينه بالإكراه بل للحفاظ على منظومة المجتمع الأخلاقية ونزاهته السلوكية وحفظ أمنه الاجتماعي والسلوكي".

وبخصوص الوضع السياسي في العراق، قال الساعدي ان "الوضع العراقي المأزوم والذي يتمثل بانحصار العراق في عنق الزجاجة يُنبئُ عن خطورة المستقبل ويستدعي الجميع شعبا وحكومة أن يلتفتوا إلى خطورته ، فإن ازمات العراق بدلا من أن يبدأ عدّها التنازلي في حدتها نجده وللأسف أكثر خطورة وارتفاعاً في مؤشر الأزمات كما ونوعاً الأمر الذي استدعى بالمرجعية الدينية الرشيدة لسماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي أن تخاطب الأمة العراقية بخطاب مملوء بالألم والتوجس والخيفة لمستقبل أخطر من حاضره وماضيه".

واضاف الساعدي إن "خطاب المرجعية بمثابة جرس الإنذار لما هو محذور لا تعيه إلا القلوب التي لم يقتلها حب الدنيا والطمع والاستحواذ وفيها حبٌ لشعبها وبلدها وما الاستئثار إلا منهج أصحاب الدنيا وأما الدين والإنسانية فهما بريئان منهم وقد دعت المرجعية سابقاً أبان تعزية السيد الشهيد الصدر الثاني في الذكرى الثالثة عشر لشهادته إلى تصحيح المفاهيم واليوم طبقتها في إحدى مواردها التي انطلت على الناس ويتداولها بحكم المسلمات تبعاً لمروجيها وان الكتل التي يعميها حب الدنيا ويقتلها الطمع ومنهجها الاستئثار ولو على مصلحة البلد هي ليست كبيرة بل هي مستكبرة وهي واجهة لتلك الدول المستكبرة التي أفنت الشعوب المستضعفة من أجل مصالحها والحال لا تختلف هذه عن تلك مادام المنهج واحداً وإذا ما تنزلنا حتى توصف بالكبيرة إنما توصف كبيرةً بفسادها وظلمها وحبها للتسلط وخراب البلد".

وتابع الساعدي ان "القانون المصوت عليه قانون سانت ليغو 1.7 إنما هو قانون يحفظ لهم بقاءهم في السلطة وهيمنتهم على مقدرات هذه الأمة التي فقدت كل مقومات الحياة الكريمة وما شُرِّعَ هذا القانون إلا ليكون مَعْبَراً على إرادة الناخبين وليس مُعَبِّراً عن إرادتهم ويحفظ هيمنة المُنْتَخَبِين وليس كرامة الناخبين وهو تجذير لحيتان الفساد على رأس السلطة".

واكد الساعدي إن "هذا القانون قد يكون بمثابة فاتحة رزايا جديدة على الشعب كما تستشرفه المرجعية إذ جاء في بيانها (وانطلاقاً من واجب المرجعية الدينية في تقديم الموعظة والإرشاد والنصيحة وتشخيص الخلل وتقديم الحلول واستشراف المستقبل قبل وقوعه فإننا نحذّر الشعب العراقي الكريم من إدخاله في محرقة جديدة تتزامن مع الانتخابات البرلمانية المقبلة كالمحرقة التي احدثوها عام 2014 بإدخال عصابات داعش بسبب عدم وعي القيادات لمتطلبات المرحلة وما تقتضيه من التغييرات) وأكدت المرجعية أن كل ما يحصل من دمار وكوارث إنما هو بسبب تسلط هؤلاء واستحواذ جهات سياسية معينة تصف نفسها بالكبيرة التي جرت الويلات لهذا البلد بسبب صراعهم وتفردهم".

واستغرب الساعدي "لم يكن يتوقع الشعب العراقي ولا المرجعية أن تتجاهل هذه الكتل المستكبرة دعوات الإصلاح الرامية لإنقاذ ما تبقى من هذا البلد الجريح ويسعون إلى استضعاف من يخالفهم وإن المرجعية حذرت من خطر عظيم محدق بالعراق إذا ما أصرت الكتل المستكبرة على تجاهل الدعوات الرامية للإصلاح وليس هذا ببعيد عن استشرافها للمستقبل فإنها قبل سقوط الموصل بأشهرٍ عدة حذرت من بلاء سيعم العراق أبان رد هذه الكتل والاحزاب القانون الجعفري وعدم التصويت له وبعد التحذير سقطت الموصل ووصلت جماعات داعش إلى مشارف بغداد ولولا لطف الله لحصلت كارثة كبرى تهز دول المنطقة بأسرها والعالم واليوم بنفس الوتيرة تحذر من مستقبل خطر فإن داعش لم تنتهِ بعد وخلاياها النائمة في وسط بغداد ومحيطها لم تزل موجودة وخطرها غير مأمون وهناك من يفكر بالانفصال والدول الكبيرة والاقليمية مازالت تنظر للعراق نهزة طامع ولها اجندات وأدوات تستطيع أن تهدد بها أمن العراق مرة أخرى".   

ودعا الساعدي السياسيين جميعاً إلى "التمعن بخطاب المرجعية وأن يخففوا من وطأة نفوسهم الضالة المتفردة بسبب أنانيتها وأن يقدموا مصلحة العراق وأمنه ووحدته فوق مصالحهم فليس في هذا العراق الجريح مكان لطعنات أخر وأن يخشوا غضبة الجماهير كما أننا ندعو السياسيين الشرفاء والوطنيين إلى حراك سياسي لردع المتسلطين عن أنانيتهم واستحواذهم والعدول عن كل قراراتهم التي جرّت البلد نحو الخراب".

ووجه الساعدي دعوته الى أبناء الشعب بكافة أديانه ومذاهبه وقومياته ومثقفيه في أن "يولدوا ضغطاً يردع الساسة المستخفين بشعبهم غير الآبهين لدعواته الاصلاحية فإن خطاب المرجعية لم ينظر لطائفة دون أخرى ولا لجهة دون غيرها بل نظرت إلى مصلحة العراق كأمة بغض النظر عن مشخصاتها وتوجيهاتها وخطابها بحكم مسؤوليتها الربانية ووظيفتها الانسانية في رعاية مصلحة الشعب فلا تستقلوا قيمة هذه التحذيرات وتصموا اسماعكم ويكون مثلكم مثل الخليفة العباسي الذي احاطت خيل أعدائه أسوار قصره فسأل عن هذه الضجة والأصوات فأخبره حشمه ومتملقيه أنها اصوات الاسواق التي تنعم بأمانك وراضية عنك".