كتب / محمد الكناني
فوضى عارمة واشياء لايمكن تفسيرها حتى ظننت للحظة ان عدد سكان العراق فيما لو اجري التعداد السكاني (الموعود) سيناهز او يفوق عدد سكان الصين على اقل تقدير ، المناظر صادمة جدا زحام لا يوصف في الطرقات والمراجعات وكل مكان يخطر ببالك، اجازات البناء في البلديات في مواقع دفع الغرامات والطوابير بالمئات من الصباح الباكر حتى نهاية الدوام وحضور موظف البصمة ، المرور العامة وغراماتها واجازاتها زحام اكثر ، المستشفيات ودوائر الطب العدلي سيان مئات المرضى على ابواب قسم الاشعة او حتى مراجعة طبيب الاسنان ، الجنسية والبطاقة الموحدة والجوازات ومقابلات السجناء طوابير تثير وتستنهض طاقاتك السلبية وتدفعك صاغرا الى الانتحار ، تظاهرات عشوائية بمئات الشعارات واليافطات تبدا جميعها (نطالب) ، زحمة يادنيا زحمة .
وسط هذه الاجواء وانا احمل في جعبتي ستة ملفات عالقة مع الجنسية والجواز واجازة البناء ودفع الغرامات والمحاكم الخاصة بالاحوال المدنية والبطاقة الموحدة وغيرها ما لا اريد ان ازيد منظر القرف لديكم ، سهوت في الطابور وشاركت مجموعة من مراجعي المحاكم منظرهم وقد توسدوا الارض واسندوا جماجمهم المرهقة على علب المياه الفارغة ، واستيقظت على ( طبطبة ) يد رقيقة على كتفي الايسر ، وقد اذهلتني المفاجأة بانها يد دولة الرئيس محمد شياع السوداني وهو يتفقد الرعية ( ويصرخ بموظف الاستعلامات الله لايخليني ) ، ارهقه حجم المنظر وتعسف الحال وملفاتي الغارقة في وحل البيروقراطية والابتزاز ، وصرخ مناديا اين (لواء —-) والواء ضابط انيق له ابتسامة بشوشة ويحمل اجهزة موبايل كثيرة لاتنقطع عن الرنين ، بسرعة وبلهجة امرة ( خذ معك المواطن وانتظرك حتى مغيب الشمس لتكون قد انجزت جميع متعلقاته والله لايخليني اذا ما كملت ) لحظة ولا في الاحلام بل لحظة تساوي ستة عقود من الزمن ، من يصدق فجكسارة اللواء تمخر عباب الزحام بسرعة البرق وتكتسح اعتى البيروقراطيات بعد عبارة ( السلام عليكم ) تهاوت تحت كلماته البطاقة الموحدة والجواز واجازة البناء وغرامات الماء والكهرباء وعصف المحاكم ، لحظات من السعادة لاتوصف وان كانت حالمة غارقة في الوهم أيقضها صوت موظف الاستعلامات ( اخوان خلص الدوام ) ، احلموا بشياع السوداني في مكان اخر فمن رآه في المنام لايراه .